ابو علي:”الشعب المغربي يرفض دعوات خالد مشعل التحريضية ويصدح عاليا،بنكيران أكبر بوحاطي”.
يبدو أن منظمة حماس صالحت عبد الإله بنكيران مع “التماسيح”، بعدما ظهر “كبير الدراويش” وهو يذرف دموع “التماسيح” على مشجب الضحايا الأبرياء من الفلسطينين.
فالرجل اكتحلت عيناه بالدموع والعَبَرات الباردة، بعدما اصطنع لها المآقي والمساكب الدافقة، لكن الحبكة الدرامية لم تسعفه كثيرا، وبدا عبد الإله بنكيران يصطنع العويل والبكاء مثل أية سيدة تمتهن “اللطم” في المآثم.
كما انتفخت كثيرا مناكب الرجل لما سمع صوت “المهللين” وهم يصدحون في الحضور “الشعب يريد إسقاط التطبيع”!
فهل كان أعضاء الحزب يقصدون الشعب المغربي الذي لفظ حزب العدالة والتنمية وقذف به في مهملات التاريخ، حتى لا نقول مزابله؟ أم أنهم كانوا يتحدثون عن شعب آخر ربما كتب لإخوان بنكيران تفويضا لا يعلم به المغاربة؟
ومنشأ هذا السؤال أن الشعب المغربي، الذي ينسبون له هذه المطالب، هو نفسه الشعب الذي سحب الثقة من حزب العدالة والتنمية ولم يمنحه حتى فرصة بلوغ عتبة “الفريق البرلماني”، لولا أن “سخاء” الداخلية حاول ترميم صورة الحزب عملا بمنطق “ارحموا عزيز قوم قد ذل”.
ولئن كانت هناك من “حسنة” في حرب غزة، رغم أن الحروب ليس فيها سوى الأتون والبراثن، فإنها أخرجت عبد الإله بنكيران وباقي الإخوان من عزلتهم، وجعلتهم يستعرضون “خلفياتهم القاعدية” واجترار خطاباتهم الدعوية.
فحرب غزة هي مثل أي مصل حيوي، أو هي بمثابة “سيروم” أفرز جرعة حياة في “رفات” حزب العدالة والتنمية، وفي “أجداث” العدل والإحسان وفي “أديم” اليسار الراديكالي.
فهؤلاء يعملون بقاعدة “في رحم كل أزمة فرصة”، وفرصتهم اليوم هي العودة لدائرة الضوء، ولمربع النقاش العمومي، ولو من بوابة “استغلال صور جثث الأطفال الفلسطينين وبشاعات المجازر المرتكبة في حق المدنيين”.
بل إن عبد الإله بنكيران لم يرعوي، رغم كبر سنه، في استغلال القضية الفلسطينية للقيام “بتسخينات” سياسية وتنظيم “تربصات” حزبية، في محاولة مكشوفة لتلقيح أرحام الحزب العاقرة بعد انتكاسة انتخابات الثامن من شتنبر.
إنها أبشع تجليات النفاق السياسي والأخلاقي!
فلولا حرب غزة لكان عبد الإله بنكيران اليوم نسيا منسيا، يأكل “غريبة البهلة” في مضجع زوجته، بعيدا عن صخب الهتافات الزائفة التي ينتحل أصحابها “صفة الشعب المغربي”.
ولولا حرب غزة ما كان عبد الإله بنكيران ليتجاسر على المغاربة عن طريق اللسان الشارد لخالد مشعل.
فمن كان يتصور أن خالد مشعل سيرد الجميل بالتحريض، والمعروف بالتأليب، في حضرة عبد الإله بنكيران وإخوانه، دون أن يحركوا الساكن.
فالقيادي في حركة حماس سمح لنفسه بمخاطبة المغاربة وتحريضهم على قيادتهم السياسية بدعوى “تصحيح خطأ وأداء واجب”!
فعن أي خطأ يتحدث خالد مشعل وعن أي واجب يتكلم؟ وبأي صفة يخاطب بها هذا القيادي في حركة حماس المغاربة مستعملا نبرة المحرض المؤلب؟
والمؤسف حقا أن عبد الإله بنكيران لم يصحح هذه الزلة الكبيرة والسقطة الفاضحة لخالد مشعل، بل ظهر مزهوا منتشيا مرابط الجأش، ونحن هنا ننزهه عن مدلولات المثل الشعبي المغربي الدارج الذي يقول “البغل منين كيقرب يموت كيصحاح”.
للأسف، يصر بنكيران على أن يقودنا إلى مثل هذه الاستنباطات التي لا تليق بسنه ورمزيته السياسية. فالرجل انبرى يسب اليهود ويصفهم ب”البلداء والملاعين بقرار رباني”، وهو بذلك إنما يطعن في ديانة سماوية أمرنا الله بأن نؤمن بالرسل الذين جاؤوا محملين بها!
ومن المفارقات الغريبة أن السفير الفلسطيني بالمغرب جمال الشوبكي اكتفى بالقول “نحن لسنا ضد اليهود”، بينما عبد الإله بنكيران تطرف كثيرا بقوله “اليهود بُلداء”، أعداء للذين آمنوا، لعنهم الله وفرض عليهم الذّلة منذ 2000 عام”.
فهل بمثل هذا الكلام المتطرف سيخدم عبد الإله بنكيران مصالح القضية الفلسطينية؟ ومصالح الشعب والأمة المغربية المتسامحة؟
إنها موجبات “الحجر” لظهور أعراض “العته والسفه”! وأولى بعبد الإله بنكيران أن يسكب دموع التوبة على أفعاله وليس عبرات النفاق السياسي، لأن لسان الشعب المغربي أضحى يلهج في الفايسبوك، منذ أمس، بشعار “بنكيران أكبر بوحاطي في التاريخ”.
ابو علي، برلمان.كوم.