كتاب وآراء
البودالي،يكتب:”في البلدان غير الديمقراطية والتي تتخذ الديمقراطية كواجهة فقط كالمغرب،ملتمس الرقابة يظل صيحة في واد ليس إلا”.
في الدول الديمقراطية تعمل الأغلبية التي تشكل الحكومة على تنفيذ برنامجها الذي وعدت به الجماهير الناخبة بقوة الدستور ومؤسسات الرقابة، و تكون المعارضة تشكل عين المراقب والمحاسب أمام الشعب. ولما يتبين بأن الحكومة قد زاغت عن الأهداف التي بواسطتها نالت الثقة فإن هذه المعارضة تلجأ إلى ملتمس الرقابة، كأداة ربط المسؤولية بالمحاسبة، للإطاحة بالحكومة من أجل مصلحة البلاد.إنها الممارسة الديمقراطية المبدئية الحقيقية والواقعية . وأن ملتمس الرقابة ليس لعبة سياسية في هذه الدول تشغل الرأي العام بدون جدوى.
أما في البلدان غير الديمقراطية والتي تتخذ الديمقراطية كواجهة فقط كالمغرب مثلا ، فإن ملتمس الرقابة يظل صيحة في واد ليس إلا ، لأن المعارضة لم تكن في المغرب منسجمة من أجل المصلحة العامة،كما أنها لا تملك الأصوات الكافية والمطلوبة دستوريا لإسقاط الحكومة، و تبقى مبادرة ملتمس الرقابة ،مبادرة غير محسوبة أو مبادرة لحل مشاكل تنظيمية داخلية، أو وسيلة ابتزاز سياسي للخروج من الزاوية الضيقة التي تحاصر فيها .
وحينما يقدم حزب الإتحاد الإشتراكي على تقديم ملتمس الرقابة في هذه الفترة ،التي هي بمثابة وقت ميت، بعد حراك رجال التعليم و قتل المدرسة العمومية و الإجهاز على الحق في العلاج ومعاناة ضحايا زلزال الحوز، و بعد حراك حول ارتفاع الأسعار والإرتفاع المهول للمحروقات، وبعد اغتيال مصفاة لاسامير، وبعد أن تم تتبيث الإجراءات المالية لسنة 2024 المتعلقة بالرفع من ضريبة القيمة المضافة على مجموعة من المواد الإستهلاكية والطاقية، وتثبيت الخطوط العامة لميزانية 2024 سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وانصراف الدولة إلى البحث عن سبل إنقاذ البلاد من مخاطر ندرة المياه بفعل الجفاف الحاد الذي تعرفه البلاد منذ سنوات يتقدم الإتحاد الإشتراكي بملتمس الرقابة إنما هو شيء عجاب !! لأن الإتحاد الإشتراكي يعلم مسبقا بأن ميزان القوى ليس بيده، وبأن الحكومة عند تنصيبها كانت محصنة بأغلبية مريحة؛ ومعارضة من صلبها ومن جلدها و هي تحت الطلب الحكومي و الإتحاد الإشتراكي كان شاهدا على ذلك ،بل كان يطمح ان يكون حكوميا كالسابق.
ومن المعلوم أن ملتمس الرقابة لم يستعمل في المغرب إلا مرتين، أي ملتمس 1964 الذي تقدم به حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وملتمس 1990، الذي تقدم به حزب الإتحاد الإشتراكي بمعية حزب الإستقلال،وكان ذلك في ظروف سياسية خاصة داخليا و خارجيا. وفي الحالتين معا لم يؤد تقديم ملتمس الرقابة إلى الإطاحة بالحكومة. ويظل السبب هو الشروط التعجيزية المقيد بها الملتمس حيث إن الأغلبية الحكومية في بلادنا دائما ما تتحصن بأغلبية مريحة جدا..
وإن ما يراه البعض أن هذه المبادرة السياسية تبقى رمزية على الأقل لتحريك البرك الآسنة في الحياة السياسية المغربية الجامدة، يظل مجرد انطباع فقط .أما تحريك البرك الآسنة لا تحتاج إلى ملتمس رقابة بقدر ما تحتاج إلى تعبئة الجماهير الشعبية من أجل إسقاط البرامج الحكومية التي لا تخدم مصالح الطبقات المسحوقة من الشعب بقدر ما تخدم مصالح لوبي الفساد المالي و الريعي، ومصالح الطبقة المهيمنة و الشركات الكبرى التي تستفيد من الإمتيازات ومن الإعفاء الضريبي، على حساب الضعفاء..
وإن ما يراه البعض أن هذه المبادرة السياسية تبقى رمزية على الأقل لتحريك البرك الآسنة في الحياة السياسية المغربية الجامدة، يظل مجرد انطباع فقط .أما تحريك البرك الآسنة لا تحتاج إلى ملتمس رقابة بقدر ما تحتاج إلى تعبئة الجماهير الشعبية من أجل إسقاط البرامج الحكومية التي لا تخدم مصالح الطبقات المسحوقة من الشعب بقدر ما تخدم مصالح لوبي الفساد المالي و الريعي، ومصالح الطبقة المهيمنة و الشركات الكبرى التي تستفيد من الإمتيازات ومن الإعفاء الضريبي، على حساب الضعفاء..
بواسطة:البدالي صافي الدين.