حوارات

النائب الأوروبي نيكولا باي ل”الصحيفة”: “قرار محكمة العدل الأوروبية مُسيّس للغاية،والطبقة الحاكمة في الجزائر تفتقر إلى الشرعية التاريخية”.

على الرغم من الحكم الأخير الصادر عن محكمة العدل الأوروبية، والذي ألغى اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لا تزال العديد من الجهات الأوروبية تؤكد تمسكها بالشراكة الاستراتيجية مع المملكة المغربية.
وقد أشار عدد من المسؤولين الأوروبيين، من بينهم جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الذي أكد أمس الإثنين على “الأهمية الكبيرة” لهذه الشراكة الاستراتيجية، مبرزاً رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيزها والارتقاء بها خلال الأشهر المقبلة.
كما أعرب عدد من السياسيين والنواب الأوروبيين، في تصريحات لـ”الصحيفة الانجليزية”، مثل توماس زديكوفسكي، عن أهمية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في عدة مجالات. وأكد زديكوفسكي أن جبهة البوليساريو، التي دعمتها المحكمة الأوروبية في قرارها، تمثل تهديداً أمنياً لأوروبا ويجب التصدي لها.
وفي هذا السياق، أجرت “الصحيفة الانجليزية” مقابلة مع السياسي الفرنسي وعضو البرلمان الأوروبي نيكولا باي، الذي أعرب بدوره عن رفضه لحكم محكمة العدل الأوروبية الأخير، مشيراً إلى أن القرار “مسيس” لصالح البوليساريو. وأكد باي على أهمية تعزيز الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
كما تحدث نيكولا باي، رئيس المجلس الإقليمي لنورماندي عن حزب “Reconquête” الذي يقوده إيريك زامور، عن العلاقات الفرنسية المغربية، مستعرضاً أسباب التوتر الذي شهدته خلال العامين الماضيين قبل استعادة العلاقات الثنائية مسارها الطبيعي. كما تطرق إلى التوتر الحالي بين الجزائر وفرنسا.
– بصفتكم نائبا في البرلمان الأوروبي، ما رأيكم في قرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء الاتفاقيات الزراعية واتفاقيات الصيد البحري مع المغرب؟ هل تعتقدون أن هذا الحكم يستند إلى حقائق متينة أم إلى سوء فهم؟
إن إلغاء الاتفاقيات الزراعية واتفاقيات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي (EU) والمغرب هو قرار بالغ الضرر ومسيَّس للغاية. إنه يضر بصيادينا وبالقارة الأوروبية ككل. كما يضر بالمغرب، وخاصة سكان الصحراء أنفسهم: حيث أن القرار وكأن محكمة العدل الأوروبية  (CJEU) ترى أن الصحراويين سيستفيدون أكثر من احتجازهم كرهائن من قبل جبهة البوليساريو بدلاً من الاستفادة الاقتصادية التي يمثلها لهم الشراكة الاقتصادية مع أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تأييد المحكمة لجبهة البوليساريو في مسألة الصحراء يعد انتهاكًا لسلامة المملكة المغربية الإقليمية. هذا القرار أكثر غرابة بالنظر إلى أن الصحراء تاريخيًا مغربية. وبصفتي برلمانيا فرنسيا، اعتدت على رؤية القضاة الأوروبيين يتجاهلون سيادة الدول العريقة.
أود أن أذكر أيضًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اعترف في عام 2020 بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء، وهو تصريح أكده جو بايدن في العام التالي. كما فعلت إسبانيا وألمانيا وهولندا، وبالطبع فرنسا، الشيء نفسه. كما تعترف جامعة الدول العربية بوحدة أراضي المغرب. إن محكمة العدل الأوروبية تنحاز إلى الأمم المتحدة، التي لا تزال بدورها غارقة في موقف جبان. وبالتالي، فإن هذا الحكم لا يستند إلى حقائق، بل إلى اعتبارات أيديولوجية بحتة.
في الواقع، فإن المحكمة تعزل نفسها لأنها تناقض الحقائق التاريخية والدبلوماسية والاقتصادية، لإرضاء جزء من اليسار الغربي، في الجزائر، وعدد قليل من الجماعات الانفصالية التي لا تمثل سوى نفسها.
– كيف تقيمون الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي؟ هل أنتم راضون عنها، أم ترون أن هناك إجراءات يجب اتخاذها لتعزيز العلاقات الثنائية؟
يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى حلفاء مستقرين حول البحر الأبيض المتوسط، ليس فقط لأسباب اقتصادية، ولكن أيضًا لإدارة أزمة الهجرة. يمكن لفرنسا أن تشهد على ذلك. المغرب هو بلد حليف وصديق، وشريك طبيعي للاتحاد الذي يجب أن يعزز علاقاته مع الرباط. ولهذا السبب، فإن قرار محكمة العدل الأوروبية ضار للاتحاد الأوروبي كما هو غير عادل تجاه المغرب.
يجب علينا زيادة الحوارات والشراكات، من أجل مصلحة ضفتي البحر الأبيض المتوسط. لقد رأيت بالفعل، في البرلمان الأوروبي، تأثير بعض الدول في مناوراتها للإضرار بالمغرب وتتجنب الجزائر. وبصفتي عضوًا في وفد العلاقات مع دول المغرب العربي، سأبذل كل ما في وسعي لضمان أن يُعامل المغرب بما يستحقه من شريك موثوق به لفرنسا وأوروبا.
– بصفتكم أيضا سياسيا فرنسيا، لا يخفى عليكم أن العلاقات بين فرنسا والمغرب قد مرت بفترات من التوتر والانقطاع الدبلوماسي خلال العامين الماضيين، قبل أن تعود إلى طبيعتها مؤخرًا مع إعلان موقف فرنسا الداعم للحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع في الصحراء. ما هو تحليلكم السياسي لوضع العلاقات الفرنسية المغربية؟
كانت التوترات الأخيرة نتيجة لأخطاء دبلوماسية وخيارات سيئة من جانب إيمانويل ماكرون، الذي لا يستطيع فهم الاتجاهات العميقة، التاريخية، للجيوسياسة في بلادنا، كما أنه غير قادر على إدراك الدور الواضح الذي تلعبه الجزائر في الاضطرابات السياسية التي تهز منطقة المغرب العربي. لم تفد هذه الصعوبات لا باريس ولا الرباط. فمن مصلحة الدولتين تعزيز تعاونهما، ليس فقط اقتصاديًا، ولكن أيضًا في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والاتجار بالمخدرات. وكان تقارب العلاقات الثنائية ضرورة.
ولا يسعني حاليا إلا أن أتأسف للخطر الذي تشكله العلاقات بين المغرب وأوروبا بسبب قرار محكمة العدل الأوروبية الجائر.
– في السياسة الخارجية الفرنسية دائما، ما رأيكم في الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر التي اندلعت إثر دعم فرنسا للمغرب في قضية الصحراء، لأنه كما تعلمون، فالجزائر هي الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو؟
إن الطبقة الحاكمة الجزائرية، التي تفتقر إلى الشرعية التاريخية الحقيقية، وتفشل أيضًا في توفير الرخاء والاستقرار لشعبها رغم الموارد الهائلة، تعتمد على سرد “وطني” يغذيه بشكل أساسي كراهية فرنسا. يتم إلقاء اللوم على الاستعمار في جميع إخفاقات البلاد الحالية. وهكذا، تقوم الجزائر بانتقادنا بانتظام وتزعزع استقرار جيرانها.
 وكنت قد حذرت البرلمان الأوروبي قبل بضع سنوات من أن جبهة البوليساريو تقوم منذ سنوات، بالتواطؤ مع الإدارة الجزائرية، بتحويل المساعدات الإنسانية الأوروبية لبيعها، وشراء الأسلحة، ومواصلة حربها الإرهابية ضد المغرب، ومع ذلك لازالت بعض الجهات الأوروبية تُقدم الدعم لهم. إن باريس لا تعمل على دفع الجزائر للقيام بواجبها تجاه ذاكرتها، بل تشجعها على كراهية بلدنا بدلاً من السعي إلى التهدئة.
أما المغرب، الذي يختلف تاريخه -المشترك مع فرنسا- عن تاريخ الجزائر، فإنه يُظهر مدى سخافة خطاب الجزائر. وبالتالي فإن دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، هو في الحقيقة لا يغير كثيرًا من العلاقات بين فرنسا والجزائر، وبالتالي فإن إن هذا مجرد ذريعة يتحجج بها السياسيون الجزائريون  لابقاء مشاعر الاستياء تجاه فرنسا لتجنب محاسبة الشعب الجزائري لهم.
“””حاوره محمد سعيد أرباط”””

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى