بعد أن نجح المغرب في إصدار قرار من الاتحاد الإفريقي يمنع البوليساريو من حضور المحافل الدولية للمنظمة..الجزائر”تتأسف”،ومرتزقة البولزارية”غاضبون”.
أظهر تفاعل الجزائر، ومعها مرتزقة “البوليساريو” الانفصالية، مع قرار الاتحاد الإفريقي حصر مشاركة المنظمة بالمحافل الدولية الكبرى في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، أن الأمر يتعلق بضربة دبلوماسية قوية قد تكون هي الأقوى التي وجهها المغرب إلى الطرح الانفصالي منذ عودته إلى الاتحاد القاري سنة 2016.
الأمر يتعلق عمليا بقرار موجّه ضد “امرتزقة لبوليساريو” رأسا، لأنها الوحيدة التي تتوفر على عضوية الاتحاد الإفريقي دون أن تكون دولة عضوًا في الأمم المتحدة، وهو أمر يدخل في سياق سعي المغرب، منذ سنوات، إلى إخراجها من المنظمة، الأمر الذي يستدعي تغيير النظام الأساسي بأغلبية ثلثي الأعضاء، على اعتبار أنه لا يتطرق إلى هذه الإمكانية حاليا.
ويتضح أن الأمر يتعلق بمسار أقصر يؤدي، على أرض الواقع، إلى الكثير من النتائج التي تنتُج عن عملية الطرد، أبرزها حرمان ما يسمى “الجمهورية الصحراوية” من اكتساب أي شرعية عبر المشاركة في المؤتمرات الدولية تحت غطاء الاتحاد الإفريقي، وتقزيم وجودها إلى أقصى درجة ممكنة على المستوى القاري.
القرار، وكما أوضحت مصادر سياسية لـجريدة “الصحيفة”، يعني أن “البوليساريو” لن تكون ممثلة في أي من المؤتمرات المنظمة بين الاتحاد الإفريقي والدول والمنظمات الشريكة، وخصوصا المؤتمرات الاقتصادية الدورية، إذ لن تتلقَى أي دعوى بقوة القانون، وهو ما سيُبعد الاتحاد الإفريقي والدول المعنية عن أي إحراج يُسببه الضغط الجزائري والجنوب إفريقي، على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ”إقصاء عضو”.
الجزائر والبوليساريو.. صدمة وغضب:
بعد هذا القرار، كانت ردة الفعل من طرف الجانب الانفصالي صريحة وممزوجة بالصدمة، على لسان محمد سيداتي الذي يحمل صفة “وزير خارجية” المرتزقة، إذ نقلت عنه وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، ضمن كلمته في العاصمة الغانية آكرا، أن الأمر يتعلق بـ”سياسة إقصاء يمارسها المغرب ويُروج لها بين دول الاتحاد الإفريقي”، متحدثا عن “تسييس العمل الإفريقي المشترك”.
أما وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، فتحدث قائلا “في ما يخص موضوع الشراكات، فلا يسعنا إلا أن نُعرب مجددا، عن أسفنا أمام حالة الانسداد التي يواجهها مشروع السياسة والإطار الاستراتيجي، الذي من شأنه أن يُنظم الشراكات التي أقامها الاتحاد الإفريقي مع مختلف الفاعلين الدوليين، من دولة متفردة وتجمعات إقليمية”.
وتابع الوزير الجزائري “ما يزيد من حدة أسفنا أن مرد هذا الانسداد هو رغبة البعض في تكريس سياسية الإقصاء، أو بالأحرى إقصاء عضو مؤسس لمنظمتنا هاته”، موردا أن وفد بلاده يعتبر أن “لا مكان لمنطق كهذا في مُنظمة بُنيت لِتُجَمِع لا أن تُقصي، ووُضعت لِتُوحد لا أن تُفرق”، وهي إشارة صريحة إلى المغرب الذي كان وراء هذا القرار.
دبلوماسية مغربية وراء القرار:
المعطيات التي حصلت عليها “الصحيفة”، تتفق مع كلمة وزير الخارجية الجزائري بخصوص أن المغرب هو الذي كان وراء هذا القرار، من خلال عمل دبلوماسي داخل دواليب الاتحاد الإفريقي بتنسيق مع العديد من الدول الأعضاء التي لم تعُد ترى في حضور “البوليساريو” سوى عائق أمام السير العادي لمجموعة من اللقاءات التي من الممكن أن تتمخض عنها شراكات مهمة.
مصادر “الصحيفة” أوردت أن المغرب كان مدعوما بمجموعة من الدول المؤثرة، بعضها تساند بشكل صريح سيادته على الصحراء من خلال افتتاح قنصليات في العيون والداخلة، مثل السنغال والكوت ديفوار والكونغو الديمقراطية وزامبيا والغابون وغينيا، وفي المجمل هناك 20 دولة إفريقية تملك تمثيلية دبلوماسية بين العيون والداخلة، تقف مع طرح إبعاد البوليساريو من المشاركة الدولية.
لكن هناك دول أخرى، بعضها محايد وبعضها الآخر تعترف بما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، أصبحت تفهم أن مصلحتها السياسية والاقتصادية مع المغرب، وأن الاتجاه الداعم للحكم الذاتي في الصحراء مدعومٌ من أغلب الدول الكبرى التي لديها شراكات مع الاتحاد الإفريقي، لذلك دعمت قرار حصر الحضور في الدول ذات الاعتراف الأممي، كحل واقعي يحفظ مصالحها.
مشهد تونس لن يتكرر:
حصر مشاركة المنظمة بالمحافل الدولية الكبرى في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وإبعاد جبهة “البوليساريو” الانفصالية من أي مشاركة مستقبلية، عمل عليه المغرب منذ سنوات، ولم يكن وليد اليوم، فالرباط فضلت ألا تنتظر إلى حين فتح جبهات دبلوماسية جديدة كما حدث في اجتماعات سابقة، وأن تصل مع الاتحاد الإفريقي إلى صيغة تُغلق قوس “البوليساريو” بشكل نهائي، خصوصا وأن المنظمة أصبحت تجد نفسها في مواقف محرجة نتيجة إصرار الجزائر على حضور الجبهة باعتبارها “عضوا”.
وهذا ما حدث بالضبط في غشت من سنة 2022، حين أدى الضغط الجزائري على تونس إلى استقبال رئيسها قيس سعيد لزعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي، في مطار قرطاج الدولي، باعتباره “رئيس دولة”، تمهيدا للمشاركة في مؤتمر طوكيو الثامن للتنمية الإفريقية “تيكاد 8″، قبل أن تؤكد اليابان رسميا أنها لم تستدعِ الجبهة وأنها لا تعترف بها.
وفي نونبر من سنة 2023، أصدرت المملكة العربية السعودية، التي تدعم مغربية الصحراء، قرارا بتأجيل انعقاد القمة العربية الأفريقية الخامسة التي كانت ستحتضنها الرياض، إلى أجل غير مسمى، بسبب إصرار الجزائر وجنوب إفريقيا استدعاء “البوليساريو” على اعتبار أنها “عضو”، الأمر الذي فوت على الدول الإفريقية فرصا اقتصادية مهمة.
وكانت روسيا قد طبقت عمليا هذا التوجه قبل عام من الآن، حين اكتفت بتوجيه الدعوات لحضور النسخة الثانية من القمة الروسية الإفريقية، التي ترأسها فلاديمير بوتين، للدول التي تحظى باعتراف الأمم المتحدة، على الرغم من التقارب والمصالح المشتركة بين موسكو والجزائر، هذه الأخيرة التي لم تفلح دبلوماسيتها في إقناع الروس باستدعاء “البوليساريو”.
والقرار الذي اتخذه الاتحاد الإفريقي في أكرا، سيطوي صفحة صدام أضاع العديد من الفرص على القارة، ووضعها في حرج أمام قوى اقتصادية كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول الخليج، وهو نهج أثبت فعاليته مُسبقا على المستوى الرياضي، حين نجح المغرب في استصدار قرار من “الكاف” بعدم قبول عضوية أي كيان لا تعترف به الأمم المتحدة.
“””عن الصحيفة”””