تمازيغت

تامازيغت والمستلبون.

في الأزقة المظلمة لمواقع التواصل الاجتماعي، في دروب الفايسبوك ومتاهات التيكطوك، وعند رأس كل زقاق مغلق من أزقتها، تتربص جماعات المستلبين الذين يريدون أن يصبحوا عربا رغم أنف العرب بكل من تسول له نفسه أن يتحدث بالأمازيغية أو عن الأمازيغية.
يتخفون وراء أقنعة العروبة تارة، والدين أطوارا، ولا جرأة لهم في الكشف عن وجوههم أو هوياتهم، ويشهرون سيوفهم الصدئة في وجه كل من يلج الفايسبوك أو التيكطوك حاملا مشعلا من مشاعل التنوير، فلا يتوانون في مهاجمته، فيستلون سيوفهم التي لم تشحذ منذ أن ورثوها عن لورنس العرب وشكيب أرسلان وميشيل عفلق وبومدين وصدام والقذافي، وبقيت مخبأة في صناديق القومية العربية والإخوان المسلمين والسلفية، ولا تستخرج إلا إزاء الأمازيغية.
ولأنهم ما درسوا تكتيكات عسكرية، ولا خبروا أو خاضوا معارك، يخبطون الخبط-عشواء ، ويهاجمون من غير نظام وبأسلحة عتيقة لا تثمر إلا الهزائم، وكلما انهزموا عادوا إلى الأركان المظلمة واختبأوا، لينبشوا في دواخلهم عن أرقى أساليب التنقيص والتتفيه والتسفيه لمن يرونه خصما أو عدوا، أو يستدعوا نقائض جرير والفرزدق والأخطل وينتقوا منها أساليب السباب والشتم التي تليق بالموقف.
فرغم ما راكمته بلدان شمال افريقيا لصالح لغة وثقافة الأرض والإنسان أي الأمازيغية، ورغم ما يكشف عنه العلم كل يوم من حقائق مرعبة لكل المستلبين تثبت أن أصل الإنسان العاقل هو المغرب، يصر المستلبون، مرضى النفوس، على تعقب المدافعين عن الأمازيغية لتنال كل حقوقها، ولكن للأسف الشديد يهزمون الهزيمة تلو الهزيمة، ببساطة لأنهم لا يتسلحون إلا بالخرافة والوهم والأسطورة، ولا يبذلون أي جهد في البحث العلمي الرصين، لأنهم إن فعلوا سيسلمون بالحقيقة.
إن أغلب من ينتقدون الأمازيغية اليوم في كل تمظهراتها لا تتوفر لهم العدة لمناقشتها، فهم عبيد لكليشيهات الماضي الذي سعت خلاله أطراف لتأسيس وطن عربي من المحيط إلى الخليج يلغي كل اللغات والثقافات والحضارات الأصلية والحقيقية لهذه المناطق لتؤسس على أنقاضها وعلى الورق فقط حضارة وثقافة ولغة لا وجود لها في هذه المناطق إلا في الخيال، فأرض شمال افريقيا أرض لا يتحدث أهلها إلا الأمازيغية والتنويعات التي أسهمت في تأسيسها كالدوارج والحسانية، ولا تحضر العربية الفصحى إلا في الإدارة والمسجد، والأمازيغية لغة ككل اللغات الطبيعية، لغة حية في عموم شمال افريقيا، يتحدثها الناس في تنويعات مختلفة أصواتا بالدرجة الأولى ومعجما بدرجة أقل، لها نظامها الصرفي والتركيبي الموحدان رغم شساعة المساحة التي تغطيها، وابتدع المتحدثون بها منذ قرون خلت، كما كل المجموعات البشرية، نظام أبجدية يليق بلغتهم ويستوعب أصواتها اسمه تيفيناغ، تثبت الاكتشافات العلمية يوما بعد يوم أن من ابدعه اقدم من إنسان اليمن، ويثبت العلم كل يوم أن لا علاقة له لا بمسند ولا بغير مسند، ومن ادعى علاقة تيفيناغ بالمسند أو الأبجدية الفينيقية أن يثبت ذلك بالعلم، وأن تيفيناغ ليس لغة بل رموزا ونظام كتابة ظلت تتطور كما تتطور كل الأبجديات في العالم.
إن من يطعنون في الأمازيغية اليوم، بعد ثلاثة وعشرين سنة من مصالحة الدولة معها، وواحد وعشرين سنة من الشروع في تدريسها، وثلاثة عشرة سنة من ترسيمها دستوريا، يفعلون ذلك لأسباب الجهل بها أو خدمة لأجندة سياسية، فكل الذين ينتقدونها لا يتحدثونها أو أنهم يفعلون ذلك خدمة لمشروع سياسي لا يتوافق ووجودها، علما أن المغاربة الشرفاء يعتبرون الأمازيغية، رغم عدم حديثهم بها اليوم، جزءا لا يتجزأ منهم.
“””الطيب امكرود”””

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى