خبير يكشف خلفيات الموقف الفرنسي المتشدد من انقلاب النيجر.
لماذا تصعد فرنسا خطابها ضد الانقلابيين بالنيجر؟ سؤال أجاب عليه الصحفي والأكاديمي النيجيري الدكتور حبيب بوري الذي أكد أن فرنسا لا تكترث للديمقراطية أو للرئيس محمد بازوم بل لمصالحها.
وقال الدكتور بوري إنه “من الطبيعي بعد الانقلاب أن لا تدعم المنظمات الإقليمية والدولية الانقلابيين، لكن الغريب في الأمر في حالة النيجر أن المواقف متشددة جدا أكثر من المعتاد”.
وأضاف أنه “عند متابعة الأخبار من الاتحاد الأفريقي وإيكواس والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكذلك بعض الدول، تجد أن هناك مواقف متشددة، حتى وصل الأمر بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اعتبار أن ما حصل في النيجر أمر خطير”.
وتابع بوري أنه “بالنسبة للرئيس الفرنسي فهو أمر خطير.. وأنا أعتقد أن فرنسا لا تتحدث بهذه الحماسة من أجل مصلحة النيجر أو من أجل مصلحة المواطن النيجري، ولكن فرنسا ترفع صوتها لأنها تخاف على مستقبلها ووجودها في النيجر، لأنها تعرف ما لحق بها في مالي وفي بوركينا فاسو وحاليا النيجر، وربما النيجر هي الورقة الأخيرة بيد فرنسا (في منطقة الساحل)، لذلك فإن فرنسا تعارض ولكن بشدة أكثر من غيرها”.
وأكد أنه “من الممكن الاعتقاد أن فرنسا تدافع عن الديمقراطية أو تدافع عن محمد بازوم أو عن الحزب الحاكم في النيجر، ولكن ذلك غير صحيح، فرنسا تدافع عن نفسها، فرنسا لا تحب لا بازوم ولا النيجر ولا مواطني النيجر، بل إنها تدافع عن مصلحتها”.
وختم بالقول إن “من يتابع ويفهم مجريات الأمور الآن لا يمكنه أن يدعم الانقلابات ولكن مواقف فرنسا ليست لصالح الرئيس بازوم، لأنها وكأنها تحرض الشعب عليه إذ إنه من المعروف أن الرئيس بازوم قريب جدا من فرنسا، فالتصرف الفرنسي بهذا الشكل سيجعل الشعب يلتفت إلى الإنقلابيين”.
ويعد بازوم، الذي وصل إلى الرئاسة عبر انتخابات في العام 2021، من أبرز حلفاء فرنسا والغرب في منطقة الساحل الإفريقي.
وهنا لابد من الاشارة ان الكثير من الوتائق التاريخية والتصاريح الدبلوماسية لبعض مسؤولي الدول الاوربية تؤكد ان فرنسا منحت الدول الأفريقية التي احتلتها ما يسمى الاستقلال مقابل شروط قاسية وخطيرة جدًا ومن أهمها وضع نسبة 85% من مدخولات هذه الدول تحت مراقبة البنك المركزي الفرنسي، وقد وصف الرئيس الفرنسي السابق ديغول دلك باعتباره نوع من المقابل للبنية التحتية التي يزعم الاحتلال الفرنسي تشييدها، وتشير التقارير أن فرنسا تجلب بموجب هذا الاتفاق قرابة 500 مليار دولار كل عام بينما يعيش الأفارقة تحت وطأة الفقر والجوع والأمراض والتخلف.
وتؤكد بعض الإحصائيات على سبيل المثال أن فرنسا تسرق اليورانيوم من دولة النيجر على مدى 4 قرون الماضية لأجل تلبية نحو 75% من احتياجاتها من الكهرباء في مجال الطاقة النووية.
كما تورد عض التقارير إلى أن شركة أريفا الفرنسية (Areva) هي المسؤولة عن سرقة اليورانيوم في النيجر.
ومع ذلك تبقى النيجر دولة فقيرة و90% من سكانها يعيشون بدون كهرباء وثرواتها تحت رحمة الاحتلال الفرنسي الذي استغل ثروات النيجر والدول الأفريقية الأخرى لأجل تطوير قدرته الاقتصادية.
ومما يجدر الإشارة إليه أن فرنسا قد استهدفت كل أسباب النهضة والتحرر للأفارقة، من ذلك استهداف الفرنسيين -كغيرهم من قوى الاحتلال الغربي- العلماء والقادة في المجتمع؛ حيث قامت قواتهم على سبيل المثال بقتل نحو 400 عالم مسلم بمجزرة كبكب خلال مؤتمر في تشاد عام 1917.
واليوم تنزعج فرنسا من انقلاب النيجر كما انزعجت من قبل على حركة الهجرة إلى السواحل الأوروبية…وهي انزعاج ليس حبا في افريقيا ولا في الديمقراطية و الشعوب الافريقية، وانما هو انزعاج من توجهات افريقية للوقوف ضد هذا الاستغلال الفرنسي الاجرامي…وهو ما كشفت عنه بعض الصراعات البينية بين الدول الغربية نفسها” وكما يقال ادا تصارع اللصوص ظهر المسروق”، حيث إنه في مطلع سنة 2019 ظهرت أزمة بين فرنسا وإيطاليا بسبب الهجرة، والمعروف أن أبناء أفريقيا يهربون من أوطانهم لأسباب كثيرة ومن أهمها فشل الدول الأفريقية في كل المجالات اقتصاديًا وسياسيًا. إنهم يهربون من بلدانهم بسبب الحروب الأهلية وعدم الاستقرار والفقر والبطالة مما يستوجب طرح السؤال: من تسبب في فشل قارة أفريقيا؟ تجيب على هذا السؤال السياسية الإيطالية جورجيا ميلوني وهي تفضح دور فرنسا في نهب ثروات أفريقيا حيث قالت:“إيمانويل ماكرون وصفنا بأننا مقرفون ويجب إنهاؤنا وأننا غير مسؤولين ثم الصحافة الإيطالية تقول آه قال ماكرون أنكم السبب…هذا عار.. غير المسؤولين يا إيمانويل ماكرون هم أولئك الذين قاموا بقصف ليبيا لأنه يقلقهم أن تكون لإيطاليا علاقات خاصة في مجالات الطاقة مع القذافي في نفس الوقت الذي نجد فيه أنفسنا أمام موجات الهجرة التي جعلتنا على هذه الحالة.
وبما أن فرنسا تواصل استغلال أفريقيا عبر طباعة العملات لنحو 14 بلدًا وتضع عليها ختمها، وعبر استغلال وتشغيل الأطفال في المناجم، وعبر الاستحواذ على المواد الأولية مثلما يحدث في النيجر أين تستخرج فرنسا 30% من مخزون اليورانيوم الذي تستعمله في تسجيل مفاعلاتها النووية و%90 من سكان النيجر يعيشون بدون كهرباء لا تقدم لنا الدروس يا ماكرون.
لأن الأفارقة يهجرون قارتهم بسببكم وبسبب سياساتكم والحل ليس تهجير الأفارقة إلى أوروبا بل تحرير أفريقيا من بعض الأوروبيين، لا نقبل الدروس منكم، هذا واضح؟!”
وتكفي هذه الكلمات لتلخص لنا حقيقة الاحتلال الفرنسي غير المباشر ومدى بشاعته. ولابد أن صراع المصالح بين دول أوروبا في أفريقيا يكشف لنا دائمًا معلومات مهمة عن همجية الاحتلال الغربي.
فقد قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب ألقاه أمام طلبة جامعة العاصمة البوركينابية واغادوغو: إن “جرائم الاستعمار الأوروبي في أفريقيا لا جدال فيها”. داعيًا إلى إرساء علاقة جديدة مع القارة السمراء.
وقال أيضًا: “إن الاستعمار الفرنسي كان خطأ جسيمًا ارتكبته الجمهورية”، وكان هذا اعترافًا تاريخيًا من الدولة الفرنسية.
ومع ذلك لا يزال جشع الاحتلال يقود فرنسا فحتى الآن سنة 2023 لاتزال فرنسا تستمر في سرقة ونهب ثروات البلدان الافريقية عبر دعم انظمة لاشعبية، وصنع حكام على المقاس ودعم اللاستقرار و الفقر و الهشاشة و الجريمة في الكثير من البلدان الافريقية، رغم اعتراف ماكرون بالمجازر والانتهاكات السابقة التي تسببت فيها بلاده…وهاهي عبر بعض من حكامها في البلدان الافريقية يستعدون لمواصلة حصد المزيد من ارواح الشعوب الافريقية في النيجر بدعوى حماية الديمقراطية واعادة الرئيس بازوم لمنصبه! مما يؤكد ان فرنسا لا تزال تتعامل مع أفريقيا إلى اليوم على أنها مجالها الحيوي، ومستعدة في أيّ لحظة للتدخل بالسلاح لإسقاط أنظمة، وتنصيب أخرى؛ دفاعًا عن نهبها للقارة الأفريقية”.
وبعض التقارير تشير إلى أن فرنسا تدخلت عسكريًا في أفريقيا أكثر من 50 مرة منذ 1960 واغتالت وأطاحت بما يقارب من 22 رئيسًا في أفريقيا. ومن هنا نوضح أن فرنسا لا تحب الانتخابات الحرة كما تزعم، ولا تبادل السلطة على الطريقة التي يعرفها الغرب كما تروج؛ لأنها تهدد مصالح فرنسا وتغيير رؤساء من الممكن أن يتسبب في إيقاف بعض مشاريع فرنسا وسرقاتها لخيرات أفريقيا ولأجل هذا تبذل ما في وسعها من جهة لمساعدة الحكم الدكتاتوري في أفريقيا ومن جهة اخرى لتقويض اي وعي شعبي او رغبة وطنية للتحرر من هذا النهب و التحكم الفرنسي.
الى دلك فقد سبق ان كشف برلماني فرنسي تم تصويره بينما لا يعلم هذه الوجه البشع لفرنسا وهو يقول مختصر الحقيقة الفرنسية مع أفريقيا،حيث قال: “الزنجي مختلف، إنه مختلف، لأنها حقيقة من هذا القبيل، لا يتم مناقشتها، لأننا نحن من يقرر. نحن الذين نقرر، نحن باختصار تسلطيون”.
وفي الإجابة عن سؤال: لماذا أنتم المهيمنون؟
أجاب البرلماني الفرنسي: “دمرنا الجميع، قبل 200 سنة أو 300 سنة، العرب الصينيين…، قتلنا لديهم المعرفة، دمرنا لديهم كل شيء”.
وعن سؤال: لكن الآن الزنوج أبرياء.
أجاب البرلماني الفرنسي: “ليس لدي الحق أن أقول لك هذا ولا يهمني أمرهم. يجب أن نلعب لعبة الأبيض والأسود، لا تخبر أحدًا بهذا، بيني وبينك لا أحد يسمعنا، نحن الرابحون، لعبنا هو لعب الفائزين.”
وعن تساؤل، هل الزنوج هم الخاسرون؟
قال البرلماني: “آه.. نعم. هنالك بعض الزنوج”. وبعد إلحاح المراسل قال البرلماني: “آه سيدي لا أستطيع أن أصرح بهذا، إن الزنوج لديهم نقص في الصبغيات (الكروموسومات) وعلل ذلك بقوله: “نعم لديهم أراضي واسعة شاسعة وغنية كيف لم يهيمنوا على العالم قط؟ كيف هذا؟ لم يكن وليس لديهم حدود مثل الصين، هذا ليس طبيعيًا مستحيل، بالتأكيد لديهم مشكلة”.
وعن سبب ذلك قال البرلماني: “أنا لا أعرف أننا قبل 500 سنة عملنا بشكل جيد. لقد تخلصنا من كل العباقرة والعلماء وخيار الناس لديهم، ذلك أكيد”.
وعن سؤال المراسل: إذا الزنوج الباقين هم الأراذل؟ بقي أراذل الزنوج؟
فقال البرلماني: “لا، لقد وضعنا أو خلقنا الجراثيم “ميكروبات” (في إشارة إلى المشاكل) هناك”.
فقال المراسل: آه قتلتم كل خيار الناس؟
فقال البرلماني الفرنسي: “آه أكيد كل النابغين”.
وعن كيف تم ذلك، قال البرلماني: “الحرب، الحروب خلقت مشاكل هناك. انظر إلى نموذج الصومال كيف فعلنا بهم!”.
وعن سؤال المراسل، لماذا الأبيض دائمًا أمام الأسود في إشارة للعنصرية؟
فرد البرلماني: “لأنها من هذا القبيل لا يتم مناقشتها، أعلم أنه ليس من العدل لكن هي من هذا القبيل. الحياة قاسية، الحياة قاسية”.
نعم بهذه الكلمات اختصر البرلماني الفرنسي قصة الجشع والعدوان والاحتلال الفرنسي في أفريقيا “الحياة قاسية” بحسب القيم الفرنسية التي يسعى اليوم ماكرون لفرضها على المسلمين في أرضه وغيرهم في مناطق الهيمنة الفرنسية. على أنها الأسمى والأعدل!
ختامًا:
لقد آن الأوان أن تنتفض الدول الأفريقية وتكسر أغلال الاحتلال الفرنسي وتفيق من غفلتها وتقرأ التصريحات الصريحة للساسة الأوروبيين التي تضمنت الاعتراف المباشر بهذا الاحتلال والجشع الفرنسي الذي لا ينتهي قبل أن تلعنها الأجيال المقبلة.