دولية

دول الساحل تعلن عن تأسيس كتيبة عسكرية مشتركة لمواجهة الإرهاب والعدوان الجزائري والاجنبي بصفة عامة.

أعلنت كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر،الثلاثاء الماضي، عن تأسيس كتيبة عسكرية مشتركة، في خطوة تعكس تصعيداً أمنياً غير مسبوق داخل منطقة الساحل الإفريقي، بهدف مواجهة الجماعات المسلحة التي تصفها الدول الثلاث بـ”المتطرفة”، في سياق إقليمي متوتر تتداخل فيه الاعتبارات السياسية والعسكرية.
وجاء الإعلان عقب قمة جمع قادة الدول الثلاث الأعضاء في تحالف دول الساحل، حيث أكدوا أن إطلاق الكتيبة سيُتبع بتنفيذ «عمليات واسعة النطاق» خلال الأيام المقبلة، خصوصاً في المناطق الحدودية التي تشهد نشاطاً متزايداً لهذه الجماعات.
وتضم الكتيبة المشتركة نحو خمسة آلاف عنصر من جيوش الدول الثلاث، وستتولى تنفيذ عمليات ميدانية منسقة ضد الفصائل النشطة في شمال ووسط مالي وعلى طول الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو.
وشدد قائد بوركينا فاسو، النقيب إبراهيم تراوري، الذي تم تعيينه رئيساً دورياً لتحالف دول الساحل، على ضرورة «الانتقال من التنسيق النظري إلى الفعل العسكري المشترك»، دون الكشف عن تفاصيل محددة لمسار العمليات أو توقيتها.
ويأتي هذا التطور في وقت تتهم فيه السلطات المالية، بشكل مباشر وغير مباشر، أطرافاً إقليمية، من بينها الجزائر، بـ«التساهل» أو «دعم» بعض الفصائل المسلحة في شمال مالي، وهي اتهامات أسهمت في توتر دبلوماسي بين باماكو والجزائر خلال السنوات الأخيرة. ونفت الجزائر هذه الاتهامات بشكل قاطع، مؤكدة أنها لا تدعم أي جماعات مسلحة، فيما تعتبر دول الساحل أن بعض الفصائل المصنفة «متطرفة» تحظى بملاذات أو دعم سياسي غير مباشر عبر الحدود الشمالية.
وتعود جذور الخلاف إلى انهيار اتفاق السلام المالي الذي كانت الجزائر راعيته منذ سنة 2015، حيث تتهم باماكو الجزائر بإقامة علاقات مع فصائل أزوادية تعتبرها اليوم جزءاً من المشهد المسلح المهدد لوحدة البلاد.
تصاعد التوتر بشكل أكبر بعد حادثة إسقاط الجيش الجزائري لمسيرة مالية خلال مهمة استطلاعية شمال مالي، ما اعتبرته باماكو اعتداءً على سيادتها، في حين شددت الدول الثلاث على ضرورة حماية حدودها ومواجهة خطر الجماعات «الانفصالية» و«الإرهابية».
ويرى محللون أن تأسيس الكتيبة العسكرية المشتركة يشكل تحوّلاً في عقيدة دول الساحل من الاعتماد على الشركاء الدوليين إلى بناء قوة إقليمية مستقلة، خصوصاً بعد انسحاب القوات الفرنسية وقوات بعثة الأمم المتحدة وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
ورغم ذلك، يرى خبراء أن نجاح الكتيبة سيكون مرهوناً بقدرتها على تجاوز التحديات اللوجستية، واتساع رقعة العمليات، وتجنب الانزلاق في صراعات جانبية ذات طابع عرقي أو قبلي، لا سيما في ظل التباعد الجغرافي الكبير للمناطق التي تنشط فيها الجماعات المسلحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى