حوارات

سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع يرمي حماية الفساد والمفسدين.

يشرح‭ ‬الحقوقي‭ ‬صافي‭ ‬الدين‭ ‬البدالي،‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحماية‭ ‬المال‭ ‬العام،‭ ‬مفهوم‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬لأنّ‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬جدلي‭ ‬بالفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬و‭ ‬بالإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬وهو‭ ‬جريمة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون”‭.‬
‮ ‬ويؤكد‭ ‬البدالي‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ ‬“الوطن‭ ‬الآن”،‭ ‬أن‮ ‬‮ ‬”دواعي‭ ‬سحب‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‮ ‬‭ ‬هو‭ ‬سحب‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يرمي‭ ‬إلى‮ ‬‭ ‬حماية‭ ‬الفساد‭ ‬والمفسدين،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬برلمانيي‭ ‬الأغلبية‭ ‬الحكومية‭ ‬وبرلمانيي‭ ‬المعارضة‭ ‬الداعمة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬متابعة‭ ‬قضائية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الفساد‭ ‬و‭ ‬نهب‭ ‬المال‭ ‬العام‮ ‬‭ ‬والإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع”‭.‬
بداية‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفهوم‮ ‬‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع؟
هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التعريفات‭ ‬للإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬حيث‮ ‬‭ ‬يعتبره‭ ‬البعض‭ ‬“كل‭ ‬زيادة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الثروة‭ ‬يحصل‭ ‬عليها أي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬داخل‮ ‬‭ ‬البلاد‮ ‬‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬خارجه،‮ ‬‭ ‬بعد‭ ‬توليه‭ ‬وظيفة‭ ‬عمومية‭ ‬أو‭ ‬منصب‮ ‬‭ ‬مسؤولية‭ ‬تشريعية‭ ‬أو‭ ‬حكومية‭ ‬،‭ ‬خارج‮ ‬‭ ‬الذمة‭ ‬المالية‮ ‬‭ ‬كيفما‮ ‬‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تبريرها‭ ‬بصورة‭ ‬معقولة‭ ‬نسبة‭ ‬لموارده‭ ‬المشروعة،‭ ‬وسواء‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬لثروة‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬الزوج‭ ‬والأولاد‭ ‬القاصرين،‭ ‬والأشخاص‭ ‬المستعارين‭ ‬و/أو‭ ‬المؤتمنين‭ ‬و/أو‭ ‬الوصيين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تملكات‭ ‬متسلسلة‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬سيطرة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬متسلسلة‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬خارجها.”
‬ويعيد‭ ‬القانون‭ ‬أيضا‭ ‬تعريف‭ ‬جريمة‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬وأحكام‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬بحيث‭ ‬يعتبر‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬جريمة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الفساد‭. ‬
وفق‭ ‬هذا‮ ‬‭ ‬التعريف؛‮ ‬“فإن‮ ‬‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬أو‭ ‬موظف‭ ‬تزداد‭ ‬ثروته‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬مداخيله،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبرر‭ ‬كيفية‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬بالوسائل‭ ‬المشروعة،‭ ‬وإن‮ ‬‭ ‬لم‭ ‬يستطع‮ ‬‭ ‬تبرير‭ ‬ذلك،‭ ‬يعتبر‭ ‬مرتكباً‭ ‬لهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون،‭ ‬ويمكن‭ ‬استرداد‭ ‬الثروة‭ ‬منه‭. ‬
كما‭ ‬يتضمن‭ ‬القانون‭ ‬آليات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تفعيل‭ ‬الملاحقات‭ ‬والمحاكمات،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬إسقاط‭ ‬قواعد‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬والحصانات‭ ‬عن‭ ‬الموظفين‭ ‬الإداريين‭ ‬والوزراء‭ ‬وإلغاء‭ ‬كل‭ ‬الحصنات‭ ‬عليهم‭ ‬و‭ ‬محاكمتهم‭. ‬
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تم‭ ‬تعيين‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد،‭ ‬الذي‮  ‬‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعزيز‭ ‬تطبيق‭ ‬هذا‭ ‬القانون،‭ ‬إذ‭ ‬تتمتع‭ ‬الهيئة‭ ‬بالصلاحيات‭ ‬لمراقبة‭ ‬عملية‭ ‬التصريح‭ ‬عن‭ ‬الثروة‭ ‬والمصالح‭ ‬بشكل‭ ‬حثيث،‭ ‬والتحقيق‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الاشتباه‭ ‬بجريمة‭ ‬إثراء‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭.‬
‬إذن‮ ‬‭ ‬فالإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‬‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬جدلي‭ ‬بالفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬و‭‬بالإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬جريمة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭.‬‮  ‬
ويتجلى‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الزيادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬وغير‭ ‬المبررة‭ ‬للذمة‭ ‬المالية‭ ‬للشخص‭ ‬(موظف‭ ‬أو‭ ‬مسؤول‭ ‬حكومي‭ ‬أو‭ ‬برلماني‭ ‬أو‭ ‬مستشار‭ ‬جماعي)‭ ‬الملزم‭ ‬بالتصريح‭ ‬الإجباري‭ ‬لممتلكاته‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬بذمة‭ ‬أولاده‭ ‬القاصرين‭ ‬الخاضعين‭ ‬للتصريح،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬مصادر‭ ‬مداخيله‭ ‬المشروعة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستطيع‮ ‬‭ ‬إثبات‭ ‬المصدر‭ ‬المشروع‭ ‬لتلك‭ ‬الزيادة‭.‬
ما‭ ‬دواعي‭ ‬سحب‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬ونصف‭. ‬وكيف‭ ‬تقرأ‭ ‬ما‭ ‬حصل؟
توصل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬بسحب‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬10.16‭ ‬المتعلق‭ ‬بتتميم‭ ‬وتغيير‭ ‬مجموعة‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬والذي‭ ‬يتضمن‭ ‬مادة‭ ‬حول‭ ‬تجريم‭ ‬الإثراء‭ ‬(الكسْب)‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭. ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المتعلق‭ ‬بتتميم‭ ‬وتغيير‭ ‬مجموعة‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المحال‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‭ ‬السابقة‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬24‭ ‬يونيو‭ ‬2016‭. ‬وهو‭ ‬الإجراء‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‮ ‬‭ ‬التشريعية‭. ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ومنها‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحماية‭ ‬المال‭ ‬العام‮ ‬‭.‬
إن‭ ‬دواعي‭ ‬سحب‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الحكومة‮ ‬‭ ‬هو‭ ‬سحب‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يرمي‭ ‬الى‮ ‬‭ ‬حماية‭ ‬الفساد‭ ‬والمفسدين،‭ ‬خاصة‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬برلمانيي‭ ‬الأغلبية‭ ‬الحكومية‭ ‬وبرلمانيي‭ ‬المعارضة‭ ‬الداعمة‭ ‬لها،‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬متابعة‭ ‬قضائية‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‮ ‬‭ ‬والإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬وأيضا‭ ‬وجود‭ ‬مستشارين‭ ‬جماعيين‭ ‬ينتمون‭ ‬لأحزاب‭ ‬الأغلبية‭ ‬الحكومية‭ ‬وحتى‭ ‬أحزاب‭ ‬المعارضة‭ ‬متابعين،‭ ‬هم‭ ‬كذلك،‭ ‬بتهمة‭ ‬الفساد‭ ‬والتزوير‭ ‬والتلاعب‭ ‬في‭ ‬الصفقات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الكسب‭ ‬والاغتناء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭. ‬ولقد‭ ‬دشن‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬وهبي‭ ‬ولايته‭ ‬بالهجوم‭ ‬على‭ ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬بشكايات‭ ‬ضد‭ ‬رؤساء‭ ‬جماعات‭ ‬ترابية‮ ‬‭ ‬أو‭ ‬رؤساء‮ ‬‭ ‬مجالس‭ ‬إقليمية‮ ‬‭ ‬أو‭ ‬جهوية،‭ ‬متوعدا‭ ‬جمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المال‭ ‬العام‮ ‬‭ ‬باقتراح‭ ‬قانون‭ ‬بموجبه‭ ‬متابعة‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات‭ ‬التي‭ ‬حسب‭ ‬رأيه‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬شكايات‭ ‬ضد‭ ‬مؤسسات‭ ‬حكومية‭ ‬وذلك‭ ‬ضدا‭ ‬على‭ ‬الفصل‭ ‬31‭ ‬من‭ ‬دستور‭ ‬2011‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬مقدمة‭ ‬تنذر‭ ‬بسحب‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‮ ‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‮  ‬‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬موظفين‭ ‬عموميين‮ ‬‮ ‬وزراء‭ ‬ومنتخبين‮ ‬‭ ‬وبرلمانيين‮ ‬‭ ‬راكموا‮ ‬‭ ‬ثروات‭ ‬مهمة‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭.‬
إن‭ ‬سحب‭ ‬المشروع‮  ‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعديله‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬عقابيا،‮ ‬‭ ‬وحتى‭ ‬تستمر‭ ‬تداعيات‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‮ ‬‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬التنمية‮  ‬‭ ‬المستدامة‭ ‬،لأن‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‮ ‬‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالفساد‮ ‬‭ ‬وبنهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭. ‬ذلك‭ ‬بأن‮ ‬‭ ‬اقتراح‮ ‬‭ ‬“مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع”‮ ‬‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬سياق‮  ‬‭ ‬عرف‮ ‬‭ ‬فيه‭ ‬المغرب‮ ‬‭ ‬تنام‮ ‬‭ ‬مظاهر‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬والإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬والفساد‮ ‬‭ ‬الإداري‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والمالي‭. ‬ويأتي‭ ‬‮ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إعمال‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬الموقعة‭ ‬بنيويورك‭ ‬سنة‭ ‬2003،‭ ‬وإعمالاً‭ ‬للمادة‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬العربية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬بتاريخ‭ ‬2010،‭ ‬وكذلك‭ ‬إعمالا‮ ‬‭ ‬بمقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬31‭ ‬من‭ ‬الدستور‮ ‬‭ ‬ومقتضيات‭ ‬النص‭ ‬الدستوري‮ ‬‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬يعاقب‭ ‬على‭ ‬الشطط‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬مواقع‭ ‬النفوذ‭ ‬وينص‭ ‬على‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ينوب‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬المغربي‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬الأسئلة‭ ‬الشفوية‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‮ ‬‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬النواب‭ ‬المطالبين‮ ‬‭ ‬بتقديم‭ ‬المشروع‭ ‬للبرلمان‮ ‬‭ ‬قال‭ ‬“إذا‭ ‬ارتأيت‭ ‬عكس‭ ‬ذلك،‭ ‬سأسحبه‭ ‬بكل‭ ‬جرأة‭ ‬وشجاعة،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬قناعة‭ ‬مطلقة،‭ ‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬لأعبر‭ ‬عن‭ ‬رأيي‭ ‬ورأي‭ ‬حكومتي”‭.‬
ومن‭ ‬خلال‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الوزير‭ ‬وهبي‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬منزعجة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬ولا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬صيغة‭ ‬كانت‮ ‬‭ ‬وذلك‭ ‬لوجود‭ ‬برلمانيين‭ ‬من‭ ‬الأغلبية‭ ‬الحكومية،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬المعارضة‭ ‬الداعمة‭ ‬للحكومة،‭ ‬راكموا‭ ‬ثروات‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬مستغلين‭ ‬الفراغ‭ ‬القانوني،‭ ‬وأيضا‭ ‬غياب‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬حقيقية‭ ‬لتنزيل‭ ‬مقتضيات‭ ‬دستور‭ ‬2011،‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬تهرب‭ ‬حكومة‭ ‬أخنوش‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬التعديل‭ ‬يضرب‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬ترسيخ‭ ‬الخيار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ومكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬كأولوية‭ ‬مجتمعية،‭ ‬عبر‭ ‬تنزيل‭ ‬حقيقي‭ ‬لمقتضيات‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬أساليب‭ ‬المناورة‭ ‬السياسية،‭ ‬خاصة‮ ‬‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬لأن‭ ‬هناك عدداً‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬بما‭ ‬فيهم‮ ‬‭ ‬بعض‭ ‬السياسيين،‭ ‬اكتسبوا‭ ‬مهارات‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬ونهب‭ ‬للمال‭ ‬العام‭ ‬وأصبحوا‭ ‬أثرياء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الغش‭ ‬والتزوير‭ ‬والرشوة‮ ‬‭ ‬واقتصاد‭ ‬الريع‮ ‬‭ ‬وساهموا‭ ‬في‭ ‬تمييع‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬وتسببوا‮ ‬‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬قطار‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬الحداثية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى