
كتاب وآراء
عبد السلام الصديقي: “حصيلةً عام 2025.. سنة محورية بين الإنجازات والإخفاقات”.
لقد فرضت سنة 2025 نفسها كسنة انتقالية استراتيجية للمغرب، تميزت في الوقت نفسه بطموحات دولية كبيرة، واستثمارات ضخمة، وهشاشة اجتماعية مستمرة. بين التألق الرياضي، والإصلاحات الاقتصادية، والضغوط الاجتماعية، تطور البلد على خط توازن حرج .
عند تلخيص الأحداث الرئيسية التي ميزت السنة التي تقترب من نهايتها، سنلاحظ بسهولة أن المغرب يبقى، بامتياز، بلد التناقضات.فبينما يحقق انتصارات مؤكدة ، يسجل في نفس الوقت خيبات أمل مؤسفة. سنبدأ أولاً بما يبعث على الأمل في قلوبنا، وأولاً وقبل كل شيء التطور الإيجابي لقضيتنا الوطنية على الصعيد الدولي بعد التصويت الإيجابي لمجلس الأمن لصالح مخطط الحكم الذاتي في أقاليمنا الصحراوية كما قدمه المغرب في عام 2007.
في الواقع، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2797 في 31 أكتوبر 2025، معترفًا بخطة الحكم الذاتي المغربية كأساس الأكثر واقعية لحل النزاع في الصحراء الغربية، داعيًا إلى مفاوضات على هذا الأساس لتحقيق نتيجة عادلة ودائمة، مما يشكل تحولًا دبلوماسيًا كبيرًا للمغرب الذي سيقوم بتفصيل مشروعه للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية وتقديمه للأمم المتحدة. من الآن فصاعدًا، تُفتح صفحة جديدة لإنهاء هذا الصراع المفتعل بشكل نهائي لنكرس جهدنا لتنمية بلدنا وبناء المغرب الكبير كمشروع استراتيجي للدول الخمس المعنية.
كرة القدم في الصدارة:
خبر سار، مثل خبر سيء، لا يأتي أبداً بمفرده وهذا أمرمحمود. بلادنا لا تتوقف على حصد الميداليات على المستوى الإقليمي والدولي في المجال الرياضي، جنيًا بذلك ثمار عمل شاق بدأ منذ ما يقرب من عقدين من الزمن واستثمارًا ضخمًا لبناء بنية تحتية رياضية في مستوى عالمي. تتوالى النتائج الجيدة بعد كأس العالم في قطر عام 2022. شهد هذا العام 2025 فوز فريق كرة القدم بلقب بطل العالم تحت 20 عامًا. في نفس السياق، فاز منتخبنا الوطني بكأس العرب في الألعاب التي أقيمت في قطر من 1 إلى 18 ديسمبر.
خبر سار، مثل خبر سيء، لا يأتي أبداً بمفرده وهذا أمرمحمود. بلادنا لا تتوقف على حصد الميداليات على المستوى الإقليمي والدولي في المجال الرياضي، جنيًا بذلك ثمار عمل شاق بدأ منذ ما يقرب من عقدين من الزمن واستثمارًا ضخمًا لبناء بنية تحتية رياضية في مستوى عالمي. تتوالى النتائج الجيدة بعد كأس العالم في قطر عام 2022. شهد هذا العام 2025 فوز فريق كرة القدم بلقب بطل العالم تحت 20 عامًا. في نفس السياق، فاز منتخبنا الوطني بكأس العرب في الألعاب التي أقيمت في قطر من 1 إلى 18 ديسمبر.
ومع ذلك، يظل الحدث البارز لهذا العام هو تنظيم كأس أمم إفريقيا. أكثر من مجرد منافسة رياضية، أصبحت كأس أمم إفريقيا 2025 اختبارًا حقيقيًا لقدرة المغرب على استضافة الأحداث القارية الكبرى. التعبئة الأمنية، تحديث الملاعب، السلاسة اللوجستية: تسعى الدولة إلى إبراز خبرتها التنظيمية وتجعل من الرياضة، على غرار دول أخرى، قوة ناعمة.
التحدي الرئيسي: وضع المغرب بشكل دائم كمركز رياضي أفريقي، تمهيداً لكأس العالم 2030.
لوحة وردية:
الوضع الاقتصادي للسنة ليس سيئًا أيضًا بالإعتماد على الأرقام الأخيرة التي كشف عنها بنك المغرب في أعقاب عقد آخر مجلس له في السنة في 16 ديسمبر الماضي. على عكس كل التوقعات، سينهي المغرب السنة بمعدل نمو يبلغ 5%، ومعدل تضخم أقل من 1% (0.8%)، وعجز في الميزانية باستثناء عائدات بيع مساهمات الدولة من المتوقع أن ينخفض من 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 إلى 3.6% في 2025 ثم إلى 3.4% في 2026 و2027، وعجز في الحساب الجاري بنسبة 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 وسيبقى دون 2% في السنتين التاليتين. وذلك بفضل الأداء الجيد لعائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. معًا، سيجلب هذان المصدران في عام 2027، 285 مليار درهم. كما تسير تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في نفس الاتجاه حيث تصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. و تواصل احتياطيات العملة الصعبة تغطية أكثر من 5 أشهر من الواردات.
الوضع الاقتصادي للسنة ليس سيئًا أيضًا بالإعتماد على الأرقام الأخيرة التي كشف عنها بنك المغرب في أعقاب عقد آخر مجلس له في السنة في 16 ديسمبر الماضي. على عكس كل التوقعات، سينهي المغرب السنة بمعدل نمو يبلغ 5%، ومعدل تضخم أقل من 1% (0.8%)، وعجز في الميزانية باستثناء عائدات بيع مساهمات الدولة من المتوقع أن ينخفض من 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 إلى 3.6% في 2025 ثم إلى 3.4% في 2026 و2027، وعجز في الحساب الجاري بنسبة 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 وسيبقى دون 2% في السنتين التاليتين. وذلك بفضل الأداء الجيد لعائدات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. معًا، سيجلب هذان المصدران في عام 2027، 285 مليار درهم. كما تسير تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في نفس الاتجاه حيث تصل إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. و تواصل احتياطيات العملة الصعبة تغطية أكثر من 5 أشهر من الواردات.
إلا أن هذه الصورة لا ينبغي أن تخفي علينا عددًا من الصعوبات والهشاشة الاجتماعية الكبيرة التي لا تحظى باهتمام كبير في أدبيات البنك المركزي، حيث تقتصر مهمته الأساسية على ضمان استقرار الأسعار من خلال تنفيذ السياسة النقدية.
هذه الانتعاشة الاقتصادية تبقى هشة على الأقل على مستويين: أولاً، لا يزال العجز التجاري عند مستوى مرتفع مما يعكس درجة تبعية اقتصادنا تجاه المشتريات من الخارج. معدل تغطية الواردات بالصادرات لا يتجاوز في أفضل الأحوال 60%. مما يدل على الفشل الواضح لـ “صنع في المغرب” قصد إحلال الإنتاج الوطني محل الواردات خاصة وأن الأخيرة تتكون في الغالب من المنتجات الاستراتيجية لعيش المغاربة، مثل المواد الغذائية الأساسية والسلع الاستثمارية اللازمة. الضعف الثاني يكمن في معدل المديونية الذي يقع بدوره عند مستوى مرتفع. الديون العامة التي تشمل ديون الخزينة والديون المضمونة من قبل الدولة تقدر بـ 84% من الناتج المحلي الإجمالي أي أكثر من 1300 مليار درهم. الارتياح الوحيد هو كون هذه الديون مُعَبَّر عنها بنسبة 70% بالعملة الوطنية.
لكن المشكلة الكبرى تكمن في المستوى الاجتماعي بمعناه الواسع. التظاهرات الكبرى لشباب المغرب، بعد تلك التي قام بها سكان عدة جماعات قروية، هي دليل قاطع على هذا الاستياء العام. مطالب السكان طبيعية. تتعلق بحقوق اجتماعية أساسية كما هي مضمونة في الدستور، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ومكافحة الفقر والفساد. يمكن اعتبار عام 2025 عامًا أبيضًا في هذه القضايا. وليس من خلال تقديم مساعدة اجتماعية ضئيلة على ملايين الأسر المحتاجة يمكننا مكافحة الفقر وحماية كرامة المواطنين.
فخ المساعدة الاجتماعية:
المساعدة الاجتماعية المباشرة، كما هي جارية، لا تعمل في الحقيقة سوى على مأسسة الفقر. إنها تشكل مسا بكرامة السكان الذين يحتاجون إلى عمل لائق يمكنهم من تحقيق الذات والشعور بأنهم مواطنون كاملون وليسوا معتمدين على المساعدات الأبدية.
المساعدة الاجتماعية المباشرة، كما هي جارية، لا تعمل في الحقيقة سوى على مأسسة الفقر. إنها تشكل مسا بكرامة السكان الذين يحتاجون إلى عمل لائق يمكنهم من تحقيق الذات والشعور بأنهم مواطنون كاملون وليسوا معتمدين على المساعدات الأبدية.
دعونا نبين ذلك بناءً على الأرقام التي قدمتها الحكومة رسميًا. وهكذا، فإن 4 ملايين أسرة، تضم أكثر من 12 مليون شخص، كانت قد استفادت من مساعدة اجتماعية بقيمة 25 مليار درهم. على هذا الأساس، تبلغ المساعدة لكل عائلة 16 درهمًا في اليوم و5.5 درهمًا لكل شخص!!! شيء واحد مؤكد: لا يمكننا تطوير بلد يوجد فيه 12 مليون محتاج وحياته مرتبطة بالمساعدات!
لهذا السبب يجب إعادة النظر في فلسفةً وأهداف هذه المساعدة كي تقتصر على الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن الذين لا مورد لهم. بالنسبة للآخرين، يجب دمجهم في الدورة الاقتصادية من خلال تشغيلهم في أنشطة ذات منفعة عامة مقابل دخل لائق يضمن كرامتهم بشكل فعلي.
باختصار، تنتهي سنة 2025 بانطباع متباين. من جهة، بلد يعزز صورته كقطب إقليمي مستقر وجذاب؛ ومن جهة أخرى، مجتمع يعاني من انتظارات اجتماعية متزايدة الإلحاح. بين الطموحات العالمية والواقع المحلي، تتقدم المملكة دون قطيعةً كبرى ولكن ليس دون توترات. فعسى أن تكون سنة 2026 بداية لانطلاقة جديدة وجدية نحو مغرب أكثر وحدة، وأكثر إدماجا وأكثر تضامناً، وفوق هذا وذاك أكثر ديمقراطية؟
نأمل ذلك و نناضل في هذا الاتجاه.



