كلمة السيد كريم اشنكلي رئيس جهة سوس ماسة خلال افتتاح اشغال دورة يوليوز العادية للمجلس (يوليوز 2023) صبيحة اليوم.
بداية، يسعدني أن أتقدم إليكم جميعا بأحر التهاني وأجمل التبريكات بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وأن أتقدم أصالة عن نفسي ونيابة عنكم جميعا بخالص التهاني المشفوعة بخالص الحب والولاء، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، راجيا من الله تعالى أن يهله على مولانا أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين باليمن والخير والبركات، وعلى ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وعلى الشعب المغربي والأمة الإسلامية قاطبة بالرقي والازدهار والأمن والهناء.
كما يسرني أن أشكر السيدات والسادة الأعضاء، على تلبيتهم دعوة حضور أشغال هذا الاجتماع، الذي يندرج في إطار الدورة العادية لشهر يوليوز 2023، وأرحب في ذات الوقت بالسيد والي جهة سوس ماسة، والسادة عمال عمالات وأقاليم الجهة، وكل الحاضرين معنا بتشريفهم لنا بالمشاركة في أشغال هذا الاجتماع.
إن هذه الدورة، تعد بحق، حدثا مفصليا في هذه الولاية الانتدابية، نظرا لخصوصية جدول أعمالها، والذي يتضمن نقطة فريدة، تتعلق ببرنامج التنمية الجهوية.
إنها لمناسبة ستمكننا من التداول واعتماد الرؤية الاستراتيجية التنموية، التي سنعمل سويا على تنزيلها خلال هذه الولاية الانتدابية، علما أننا لم نذخر جهدا منذ انتدابنا، عن مواصلة العمل على تنفيذ المشاريع المبرمجة في البرامج التنموية السابقة، وكذا الانخراط في مشاريع جديدة والتي لا تحتمل الانتظار، خاصة في القطاعات الإستراتيجية ذات الأولوية، والتي تنسجم بالفعل وهذه الرؤية.
ولا أخْفِيكُمْ سِرا بِأَن إِعْدَاد مشروع برنامج التنمية الجهوية، رغم كونه تمرينا ديمقراطيا بامتياز، إلا أنه يُعْتَبَرُ في نفس الآن تَمْرِيناً صعبا ودَقِيقاً، ويتجلى ذلك في جدلية التركيز على الاختصاصات الذاتية والأدوار المنوطة بالجهة، من جهة، ومحاولة تلبية الحاجيات الترابية الملحة من جهة ثانية، فضلا عن ضرورة التَوْفِيق بين التوجهَات العَامة للسياسات الْعُمُومية، والبرامج الحكومية وإستراتيجياتها الحديثة والتحولات التي يعرفها العالم من جهة، والمُتطَلبَات الخُصُوصِية للجهة ومراعاة عدالة مجالية شاملة من جهة أخرى، بالإضافة إلى حرصنا على إعمال مقاربة تَشَاوُرِية وَتَشَارُكِية واسعة، سعينا من خلالها على التوافق مع كل الفاعلين، واضعين مصلحة وتنمية هذه الجهة الغالية، وهذا الوطن المبارك فوق كل اعتبار؛ حيث مكننا هذا التمرين، ولله الحمد، مِنَ الخُرُوجِ بِهَذَا التَصَور الذي يَنْسَجِمُ مع كل هذه المُقَارَبَات، والتي مَنَحَتْ لِهَذَا البَرْنَامَجِ الطَمُوحْ لَمْسَةً خَاصَة ومتفردة، وهذا ليس بغريب على جهة سوس ماسة، أرض التميز.
فهو برنامج يتضمن مُوَاصَلَةَ الاسْتْرَاتِيجِيَاتِ والأوراش المفتوحة ذات الأثر البين، ويؤطر التنمية الجهوية بما يسمح بتعدد الأقطاب التنموية على مستوى تراب الجهة، كما يتبنى مشاريع مهيكلة ذات التأثير المباشر على اقتصاد الجهة.
إن طموحنا أكبر مما هو متضمن في مشروع برنامج التنمية الجهوية، خاصة وأننا وضعنا نصب أعيننا، الإرادة الملكية السامية لجعل الجهة وسطا حقيقيا للمملكة وقطبا اقتصاديا بامتياز، مما دفعنا للاجتهاد في البحث عن إطارات مختلفة للشراكة والتعاون، بما يسمح من تعبئة اعتمادات مالية متنوعة ومبتكرة لدى الدولة والفاعلين الترابيين الآخرين والخواص.
إن مشروع برنامج التنمية الذي بين أيديكم، يهدف إلى استثمار ما قدره 37.7 مليار درهم خلال هذه الولاية الانتدابية، وذلك بهدف جعل الجهة ذات ريادة اقتصادية وتحقق تنمية اجتماعية وتحافظ على هوياتها الثقافية وتوظف حكامة مبنية على الابتكار والفعالية.
ولأجله، فإن هذه الوثيقة، التي تمت بلورتها وفق منهجية محكمة، تتضمن سبعة محاور و23 ملفا للعمل، ويتعلق الأمر ب:
أولا: محور البنية التحتية ذات التوجه الاقتصادي مما يضمن استدامة القطاعات الأساسية للاقتصاد الجهوي بغلاف مالي قدره 12 مليار درهم.
ثانيا: محور دعم النسيج الاقتصادي والمقاولة وإنعاش التشغيل والذي يرتكز بالأساس على دعم المقاولة والابتكار والاقتصاد الاجتماعي بغلاف مالي قدره 1.4 مليار درهم.
ثالثا: محور التهيئة المجالية بغلاف مالي يقدر ب 15.4 مليار درهم، ويهدف إلى تأهيل مراكز العمالات والأقاليم ومراكز الجماعات مما يسمح بتأطير المجال وفك العزلة عن العالم القروي.
رابعا: محور التنمية البيئية بغلاف مالي قدره5.6 مليار درهم لضمان استدامة التنمية.
خامسا: محور التنمية الاجتماعية بغلاف مالي قدره 2.9 مليار درهم، رغبة في الانسجام مع توجهات الدولة الاجتماعية.
سادسا، محور ترسيخ اللغة والهوية الامازيغية باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية والوطن ومن خصوصيات هذه الجهة بغلاف مالي قدره 300 مليون درهم.
سابعا: محور الحكامة بغلاف مالي قدره 0.1 مليار درهم، وذلكم لأجل اعتماد آليات مبتكرة بما يضمن تنزيل سليم لمضامين هذا البرنامج، وللرفع من أداء ونجاعة مؤسسة الجهة.
إن هذا البرنامج الجهوي يتطلب توحيد الجهود من أجل تنزيل سليم له على أرض الواقع، في ظل ما تعرفونه جيدا من إكراهات مالية وإدارية، وَهُوَ أَمْرٌ يُحتم علينا جميعا ابتكار بَدَائِلْ وأَدَوَاتٍ حديثة في التَعامُلِ معها، والتي عبرنا عنها في العديد من المناسبات.
وبناء عليه، فإننا نُهِيبُ بكل الفاعلين الترابيين كُلٌ حَسَبَ مَوْقِعِهِ وَاخْتِصَاصِهْ، تملك هذا البرنامج، والانخراط والمساهمة في التَنْزِيل الأَمْثَل له، خاصة وأن لِلزَمَن التنموي كُلْفَتُهُ وأي تَأْخِيرٍ أَوْ هَدْرٍ لَهُ سَتَكُونُ لَهُ عَوَاقِبُ كَبِيرَة على التنمية المستدامة المَنْشُودَة.
إننا فخورون جميعا بما بذلتموه من أجل تسهيل مسار إعداد هذه الوثيقة التي هي منا وإلينا جميعا، فلكم مني جزيل الشكر مكتبا، ولجنا دائمة، وفرقا سياسية ولجميع الأعضاء هذا المجلس الموقر.