وثائق أمريكية تكشف مخاوف العسكر الحاكم بموريتانيا من تسوية نزاع الصحراء.
كشفت وثائق رفعت عنها وزارة الخارجية الأمريكية السرية أن قادة موريتانيا، وخاصة الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، كانوا يعارضون بشدة أي تسوية محتملة للنزاع حول إقليم الصحراء، الذي كان يشهد تحولات هامة في أواخر الثمانينات.
بحسب هذه الوثائق، التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية، أثار احتمال حدوث تقارب بين المغرب وجبهة البوليساريو في عام 1988 مخاوف كبيرة لدى الرئيس الطايع، الذي كان يرى أن أي تقارب من هذا النوع قد يشكل تهديداً لمصالح موريتانيا، في وقت كان النزاع يشهد تطورات إقليمية ودولية حاسمة.
وفي محادثة خاصة مع رئيس الأركان الموريتاني آنذاك، أحمد ولد منيح، أفصح الأخير عن قلق الرئيس الطايع المتزايد حيال إمكانية حدوث تقارب بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهو ما كان يُحتمل أن يؤثر سلباً على مصالح موريتانيا.
وقد أشار ولد منيح إلى أن الرئيس كان يتساءل باستمرار عما إذا كان ينبغي على موريتانيا أن تتدخل لإفشال هذا التقارب الذي بدا أنه يحقق تقدماً. وفي هذا السياق، أضاف ولد منيح أن المغرب والبوليساريو لن يتمكنوا من الوصول إلى اتفاق دائم، مما دفعه للتوصية بترك الأمور تسير كما هي حتى تفشل المبادرة الأممية.
وتعد هذه البرقية تأكيداً إضافياً على القلق العميق الذي كان يساور الرئيس الطايع بشأن أي تسوية محتملة للنزاع حول الصحراء، حيث كان يعتقد أن ذلك قد يؤدي إلى تداعيات غير محمودة على استقرار موريتانيا، لا سيما من حيث تدفق اللاجئين الصحراويين إلى الأراضي الموريتانية. وفي سبتمبر 1988، بعث الطايع مبعوثاً خاصاً إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران لإبلاغه بمخاوفه من تأثيرات هذا الحل المحتمل على الأمن الموريتاني.
ويبدو أن الرئيس الطايع كان يعتقد أن استمرار الوضع الراهن كان المبرر الوحيد لبقاء حكمه العسكري في موريتانيا، وهو ما يثير العديد من الأسئلة حول دوافع ومواقف حكام موريتانيا تجاه هذا النزاع الذي ما زال له تأثيرات كبيرة في الساحة الإقليمية والدولية حتى اليوم.