دولية

فرنسا تضيق الخناق على تنظيم الإخوان وتُغلق آخر معاقله التعليمية.

بعد فسخ العقود مع مدارس الكندي وابن رشد وابن خلدون، بات نفوذ تنظيم الإخوان في قطاع التعليم الفرنسي الخاص، في أضعف حالاته مع مطلع العام 2025، وذلك في ظلّ انتهاكات خطيرة للالتزامات التي يشملها قانون مناهضة الانفصالية الإسلاموية الذي يُحارب التطرّف.
ويعكس إنهاء جميع العقود التي تربط وزارة التربية والتعليم الفرنسية، بمجموعة مدارس دينية يُديرها الإخوان بشكل مباشر أو عبر وكلاء لهم، جدّية الدولة الفرنسية في تحجيم دور الجماعة الإرهابية في المُجتمع الفرنسي وخاصة بين الجاليات المُسلمة.
وأكدت تحقيقات أجهزة الأمن الفرنسية، وجود تأثير قوي للإخوان المسلمين على المدارس الإسلامية الخاصة. وإذا ما أثبت القضاء الإداري الذي توجّه له الإخوان بهدف المماطلة أنّ الدولة الفرنسية على حق، فلن يتم بعد اليوم التعاقد نهائياً مع المزيد من المدارس والثانويات الإسلامية في فرنسا.
الإخوان والجهاد:
وقبل أيّام، صدر قرار نهائي من محافظ إقليم “أوفيرني-رون-ألب” فابيان بوتشي، بإنهاء العقود الثلاثة التي تربط الدولة بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، قُرب مدينة ليون، وذلك بسبب عدّة خروقات واعتداءات على قيم الجمهورية. وهو ما يعني انتهاء الدعم الحكومي المُقدّر بنحو مليوني يورو سنوياً، وبالتالي إغلاق هذه المدارس.
ويُشير تقرير التفتيش، إلى اكتشاف عملين متطرفين في مركز التوثيق والمعلومات التابع للمجموعة المدرسية، يُروّجان للجهاد والعنف. وقال المحافظ “إنّ هذه الاختلالات تُظهر قرب مؤسسات الكندي من فكر جماعة الإخوان المسلمين، التي يتعارض مشروعها مع قيم الجمهورية”.
وبدوره أوضح لوران فوكييه، النائب البارز عن حزب الجمهوريين، أنّه “كان هناك في المدرسة عمل دعائي بين الطلاب، وانجراف إسلامي قريب من جماعة الإخوان المسلمين، والجميع غضّ الطرف”، مُوجّهاً شكره لوزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو، ومحافظ إقليم “أوفيرني-رون-ألب”.
وسيطبق القرار، الذي يعني إغلاق هذه المؤسسة التعليمية التي تضم أكثر من 600 طالب، اعتباراً من 1 سبتمبر 2025، وذلك على الرغم من الضغوط والتهديدات القانونية التي تُمارسها جماعات الإسلام السياسي، والتي وصلت إلى درجة مُناشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتدخل شخصياً.
ماذا بقي من شبكة مدارس الإخوان؟
والكندي آخر مجموعة مدارس تُروّج للإسلام السياسي ومُتعاقد عليها في فرنسا، وذلك بعد أنّ تمّ العام الماضي إغلاق مدرسة ابن رشد الثانوية المعروفة في مدينة ليل، والتي خضع مسؤولوها لتحقيقات تتعلق بالفساد وبسبب صلاتهم بالأصولية الإسلاموية، وبشكل خاص تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي من خلال مسجد فيلنوف داسك، المسؤول عن رابطة إخوان شمال فرنسا.
وكذلك، وبعد اتهامات بنشر الفكر المُتشدد وبالفساد والحصول على تمويل أجنبي غامض وغير مشروع، أعلنت وزارة التربية الوطنية الفرنسية العام الماضي إغلاق مدرسة ابن خلدون الإعدادية قُرب نيس، والتي يُشرف عليها ويُديرها إسلاميون مُرتبطون باتحاد المنظمات الإسلامية الذي تُشرف عليه جماعة الإخوان الإرهابية. كما تمّ وضع قيود على عمل جمعية ابن سينا ومنعها من تنفيذ مشاريع تعليمية.
تدهور التعليم الإسلاموي الخاص:
وتعتبر شبكة “سفيرنيوز” الإخبارية المُتخصصة في شؤون المسلمين في فرنسا، أنّ تمثيل التعليم الإسلامي الخاص في فرنسا ناقص إلى حدّ كبير مُقارنة بشبكات التعليم الأخرى، فمع بداية العام الدراسي 2024/2025، توجد 59 مؤسسة تعليمية إسلامية خاصة، 8 منها فقط كانت تخضع لعقد جزئي مع فرنسا. ومن بين 13 ألف طالب يدرسون في هذه المؤسسات، هناك نحو 1000 فقط يدرسون في المدارس المُتعاقدة مع وزارة التعليم.
وعلى سبيل المُقارنة، يوجد في فرنسا حوالي 2.2 مليون طالب يدرسون في نحو 12 ألف و500 مؤسسة تعليمية خاصة. وما يزيد قليلاً عن 7500 مؤسسة منها مُتعاقدة مع الدولة، وذلك بحسب تقرير ديوان المحاسبة الصادر في 2023.
ويعني تعاقد الدولة الفرنسية مع المدارس الخاصة، اعترافها الرسمي بها وبشهاداتها ومنحها الدعم المالي اللازم لتسيير كافة أعمالها، بحيث تستغني عن الدعم الخارجي. ولا زالت هناك اليوم بضعة مدارس إسلامية في فرنسا، لكن غير مُتعاقد معها حكومياً، كما لم يثبت ارتباطها لغاية اليوم بشكل مباشر بجماعات الإسلام السياسي.
وشهدت شبكة التعليم الإسلامي الخاص في فرنسا، تباطؤاً كبيراً في تطوّرها في السنوات الأخيرة. وأدّت الضوابط الإدارية المُتعددة إلى منع أو تأجيل إطلاق العديد من المشاريع التعليمية الإسلامية منذ العام 2020، وذلك نتيجة للهجمات المتواصلة التي تشنّها الدولة الفرنسية ضدّ الهياكل التعليمية المُتّهمة بالارتباط بالإخوان المسلمين، والتي تتجلّى اليوم من خلال إنهاء عقود الجمعيات الدينية التي تُشرف على عمل المدارس الإخوانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى