أحمد فردوس: “حان الوقت لإسقاط أقنعة الزعامات الإنتهازية والوصولية وإبعادها من المشهد السياسي”.
ونحن على أبواب استحقاقات 2026، انطلقت الزعامات الإنتهازية والوصولية التي وشمت بسلوكها وأفعالها المنحطة، جروح الإقصاء والبؤس والتهميش على جسد البلاد والعباد، حيث بدأت عقارب زمن “السِّيبَةْ” تتسارع دقاتها لتلتهم بشراهة الشهور المتبقية، لضبط إيقاع “أَرْانِبْ” السّباق المختبئة وسط قبعة “السّاحر” الذي يعرف من أين تؤكل الكتف.
انطلقت تلك الزعامات الكارطونية مدجّجة بأسلحة صراخ وضجيج أصوات “الْحِيَّاحَةْ” المتأبطين لعصيهم التي يفزعون بضرباتها مختلف “الْوَحِيشْ” وإخراجه من أدغال الجبال والسهول والغابات وجحورها الباردة، لتتحول الطرائد الجبانة والخائفة إلى لقمة سائغة، في متناول “السّلوقي” المتمرّس على الجري، واللهاث، وتحريك الذيل، بين ممرات أقبية ودهاليز الكمائن والفخاخ المنصوبة هنا وهناك، من أجل تقسيم غنائم ريع دوائر محميات القنص الإنتخابي.
لا أعتقد أن “حليمة ستعود لعادتها القديمة”، ولا أظن أيضا أن عيون وآذان الأجهزة الأمنية والإدارة الترابية التي تحمي الوطن، وكل الجهات المسؤولة خارج تغطية ورصد مثل هذه السلوكات المبتذلة التي تشوّه صورة المغرب الجديد الذي يسعى بخطى ثابتة نحو التغيير بقيادة ملك البلاد، وترسيخ آليات الديمقراطية والنزاهة والشفافية والإخلاص للوطن ولا شيء غير الوطن والمحافظة على مقدّراته وثرواته وإمكاناته، وتثمين وتحصين مكتسباته وتراكماته على جميع الأصعدة.
لا يمكن لنا في هذا المنعطف التاريخي الذي حققت فيه ديبلوماسية الدولة المغربية الكثير من المكاسب الوطنية ـ سياسيا واقتصاديا ـ وتبوأت أعلى المراتب دوليا على المستوى الأمني، ـ لا يمكن ـ أن نسمح لحفنة من “لَفْنَادْقِيَّةْ” وسماسرة الإستحقاقات القادمة، ومن يدور في فلكهم من واصفين، بالتلاعب بمصير الوطن، كيفما كانت مناصبهم ومراتبهم، وكيف ما كان نوعهم وانتمائهم ولونهم وصفتهم وعرقهم. ولن نسمح طبعا لأي كان بأن يمرغ كرامة الناس في وحل “غَيْسْ” أفعالهم الدنيئة والمنحطة التي حولت كراسي المسؤولية لـ “مهنة” وحرفة دائمة للتّكسب وتعميم النعمة على المقربين والواصفين، وتكديس المال العام وتبيضه بمختلف الطرق والوسائل المجرّمة قانونا على حساب رفاهية وسعادة الشعب المغربي.
طبعا، لا نريد أن “تعود حليمة لعادتها القديمة” ونحن على أبواب فتح جسر العبور المتدفق نحو المغرب سنة 2030 لاستقبال دول العالم والجماهير العاشقة لكرة القدم، والسياح الوافدين من كل صوب وحدب، بعد تنظيم كأس إفريقيا أواخر سنة 2025، لذلك لا نريد أن تقع الفأس في الرأس بعد فوات الأوان، ونضرب كفا على كف، لما نرى أن نتائج انتخاباتنا قد أفرزت بقدرة نصّاب ومحتال، وجوه البؤس والتخلف والجهل، وأيادي الجشع والطمع، وهي تستولي من جديد على كراسي التدبير والتسيير لشأننا الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي رغم روائح الفساد المنبعثة من ملفاتها.
الوطن بقيادة ملك البلاد الذي أبهر العالم بمواقفه وشجاعته وإنجازاته التي تحدث عنها العدو قبل الصديق، وانخراط الشعب المغربي بعفوية وتلقائية في العديد من الملاحم والبطولات الوطنية والكونية، أكانت سياسية أو اقتصادية أو علمية أو رياضية وثقافية وتراثية وبيئية، هو وطن يستحق أن نفتخر بنسائه ورجاله الأوفياء والصادقين وما أكثرهم في بلادي، ونفتح الباب في وجه بناته وشبابه التواق للفعل السياسي والاجتماعي والثقافي والفني، ونحمله مسؤولية استثمار معارفه وتجاربه وإعطاءه الكلمة.
حان الوقت لإسقاط الأقنعة عن الوجوه الموسومة بصفة ممارسات شخصيات فيلم “السياسي والراقصة”، والكشف عن الصورة الحقيقية لتلك الشخصيات البهلوانية التي تمرست على اللعب هنا وهناك، والتي تستعمل خطاب التنويم المغناطيسي لتحقيق مآربها ومصالحها الضيقة، تلك الشخصيات التي تمثل حقيقة المثل المعروف “حاميها حراميها” وهم الغارقين في مستنقع الفساد وروافده المعلومة والخفية.
حان الوقت لتطبيق القانون وسيف الصرامة في وجه المتلاعبين بمصير الناخبين والناخبات، واستمالتهم بوسائل مفضوحة أضحت وصمة عار على جبين ضعفاء النفس والكرامة، الذين باتوا يهددون أمن وسلامة الوطن كلما تمكنوا من وضع مؤخراتهم على كراسي المسؤولية بمؤسساتنا الوطنية.
نعم، نحن في مفترق الطرق، إما أن نفرز نخبا سياسية ومثقفة وواعية بالمسؤولية التاريخية وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا، نخبا تترافع عن الوطن وعن كل ما تحقق من رقي وتطور وتغيير واستثمارات هائلة، وتمثل وجه المغرب المشرق الذي نريد أن يتسع للجميع، مغرب الديمقراطية والحداثة وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروة عبر ربوع المملكة. “والِّلي فَرَّطْ يْكَرَّطْ”
حان الوقت لإبعاد كل المشبوهين والفاسدين من دائرة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي، وتجميد تحركاتهم المشبوهة التي انطلقت من أجل التحكم في المشهد السياسي، لأننا اليوم في حاجة ماسة لمن يتحدث بوضوح باسم الوطن بلسان شفاف، وأياد بيضاء نقية وطاهرة، تزيل الغمة عن هذا الوطن الجميل والرائع.
كن من شئت، وأنت تعد العدة لممارسة حقوقك الدستورية دون التفريط قيد أنملة في واجباتك الوطنية، لكن لا تتظاهر بالتقوى والورع والطهرانية، أو تتظاهر بالإلتزام والوطنية وأنت بعيد كل البعد عن هذه الشعارات البراقة، في وقت يحتاجك الوطن لتساهم في التغيير المنشود، وتحسين وتجويد صورة المغرب التي راكمها بناته وأبنائه بحبهم ونبلهم ووفائهم.