محلية و جهوية

كلمة الوكيل العام للملك بأكادير خلال أشغال اليوم الدراسي حول موضوع “شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي”.

نظمت محكمة الاستئناف بأكادير والودادية الحسنية للقضاة والمجالس الجهوية للموثقين باكادير وبني ملال وخنيفرة ومراكش يوم أمس الجمعة 07 فبراير 2025، يوما دراسيا، حول موضوع “شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي”.

وقد حضر هذا اللقاء على الخصوص كل من سعيد الشايب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بأكادير،  والوكيل العام بها الأستاذ عبد الرزاق فتاح، ورئيس الودادية الحسنية للقضاة بالدائرة الاستئنافية أكادير، هشام الحسني، والمستشارين ونواب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف باكادير، ورئيس  المجلس الجهوي لهيئة الموثقين بأكادير وكلميم والعيون، مصطفى أمغار،  ورئيس المجلس الجهوي لهيئة الموثقين لبني ملال وخنيفرة، محمد البداوي.
ويهدف اليوم الدراسي، إلى تعزيز الأداء المهني للموثقين والإرتقاء بمستوى تكوينهم من خلال مناقشة أبرز التحديات والإشكاليات المرتبطة بالممارسة التوثيقية،سواء من الناحية القانونية أو القضائية أو العملية.
كما ستساعد الندوات التكوينية والأيام الدراسية المنظمة من قبل مجالس الموثقين من معارف ومعطيات وتكوينات على المستوى القانوني والعلمي والقضائي من أجل تحصين الموثق من كل مساءلة قانونية محتملة، وكذلك تحصين العقد الرسمي المنجز من أي اضطراب قد يؤدي إلى إدخاله في دائرة المنازعات القضائية.
وتميز اليوم الدراسي بالكلمة القيمة، للأستاذ عبد الرزاق فتاح، الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير، التي أكد من خلالها، على أن اختيار موضوع هذا اليوم الدراسي الذي يجمع ثلة من الخبراء يعتبر من المواضيع ذات الراهنية والجدير بالاهتمام الذي يتجلى في إرتباطه بمهنة التوثيق وبدوره الأساسي في تحقيق تجليات الأمن القانوني والتعاقدي الذي يضمن حماية ملكيات المتعاقدين ويوفر الثقة في استقرار المعاملات، ويضمن التنمية المستدامة وتشجيع الاستثمار ويساهم بشكل كبير في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي الذي يضمن الازدهار والرقي للمجتمع.
واعتبر  الأستاذ عبد الرزاق فتاح، على أن العقد التوثيقي يعتبر من بين المحررات الرسمية التي تتسم بالقوة في الاثبات والتنفيذ، وأحاطه المشرع المغربي بنصوص قانونية تجعل منه السند الذي يلجأ إليه المتعاقدين لتوثيق تعاملاتهم من أجل حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة قانونا، وكرس له مجموعة من الضوابط والشكليات التي يجب أن يحاط بها العقد التوثيقي، وهو ما يتجلى من أهمية هذا اليوم الدراسي الذي سيحيط بالجوانب القانونية للعقد التوثيقي ومدى فاعليتها في إنشاء عقد تتوفر فيه القوة القانونية في الاثبات والتنفيذ، وإبراز أهم الصفات التي تميزه عن باقي المحررات وكذا القيمة الحقيقية التي يلجأ إليها المتعاقدين لابرام تصرفاتهم وذلك لما يحققه من ثقة وائتمان بينهم.
وشدد المسؤول القضائي نفسه، على أن مهنة التوثيق طبقا للقانون رقم 32.09 والمراسيم التنظيمية الملحقة به تحتل مكانة متميزة ضمن المهن القانونية والقضائية بالمغرب، من خلال دورها الأساسي والمحوري المرتبط بمبدأ الأمن القانوني، وذات أهمية في ضمان استقرار المعاملات خاصة في مجال الاستثمار واستقطاب مناخ الأعمال، لا سيما بفضل الخدمات الحيوية التي يتولاها الموثق وتدخله الفعال في إضفاء الشكل الرسمي على كل التصرفات، إلى جانب ترسيخه للعلاقة التعاقدية في أنواع متعددة من العقود لها خصوصيات من حيث الاثبات والتنفيذ.
وأضاف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، في كلمته القيمة، على أنه إذا كان العقد التوثيقي يحقق الثقة والأمن القانوني، فهو بذلك أداة قانونية توفر الحماية القانونية واستقرار المعاملات وتفادي النزاعات القانونية بين الأطراف المتعاقدة.
وأضاف، كما أن المشرع المغربي حدد في القانون رقم 32.09 مجموعة من الشروط الأساسية الواجب توفرها في الموثق، من أجل توفير ثقة المتعاقدين في مؤسسة الموثق لضمان الحماية اللازمة لهم في حقوقهم، ولتحقيق كذلك مزيدا من الأمن في هذا المجال.
ولضمان الأمن القانوني والتعاقدي، اعتبر الأستاذ عبد الرزاق فتاح، على أن الجانب الأخلاقي يحتم استبعاد كل الصفات التي تفتقر للانضباط والشرف والنزاهة والأخلاق، لما يشكله من انعدام الثقة في مؤسسة التوثيق، فالموثق ملزم في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والشفافية وأعراف وتقاليد المهنة المرتبطة بالكرامة والاستقامة.
وشدد الأستاذ عبد الرزاق فتاح، في كلمته، على الجانب المرتبط بالكفاءة المهنية التي يجب أن تتوفر في الموثق خلال ممارسته لمهامه، والتي لها ارتباط وثيق بالجانب العلمي والعملي، والالمام بكل القوانين المرتبطة بمهنة التوثيق، وكذا المشاركة في مجال التكوين وإعادة التكوين من أجل   وصقل المهارات، خاصة مع المتغيرات التي يفرضها صدور القوانين الجديدة والتعديلات التي تلحق بالقوانين المرتبطة بمهنة التوثيق، وكذا ما يعرفه المجتمع من تطور على المجالين الاقتصادي والتكنولوجي، وأن موضوع التكوين والتكوين المستمر بالنظر لأهميته وراهنيته سيوفر لا محالة ضمان تأطير علمي عال للموثقين وسيزيد تحسين مهاراتهم وصقلها في جميع المجالات القانونية وغيرها ويضمن بشكل كبير ثقة المتعاقدين في مؤسسة التوثيق وتحقيق الأمن التعاقدي والقانوني.
واعتبر المسؤول القضائي،  أن شرف مهنة التوثيق وأهميته تبرز في ارتباطه الوثيق في الحفاظ على تعاقدات الأفراد، فالموثق في إطار مهنته الشريفة مدعو إلى تحري الدقة وبعد النظر في تجاوز وتفادي كل النزاعات المحتملة حول بنود وعناصر العقود ومضامينها التي يقوم بتحريرها، حتى يظل العقد بعيدا عن الدفوعات المرتبطة بالبطلان والنزاعات المستقبلية، وأن يكون العقد أداة للوقاية حاميا لحقوق الأفراد ومصالحهم محققا بذلك ضمانة لاستقرار المعاملات ومساهما في التطور الاقتصادي والنمو والازدهار والسلم الاجتماعي.
وشدد، إن الموثق يجب أن يكون مساهما بشكل فعال إلى جانب الفاعلين في مجال العدالة في إطار المقاربة التشاركية التي تنهجها المؤسسات الفاعلة في الميدان، في التصدي لكل مظاهر التلاعب والاعتداء على الحق في الملكية العقارية، وفي محاربة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير المرتبطة بالطرق غير المشروعة قانونا، وأساليب النصب والتزوير المستعملة من قبل المتخصصين في السطو على العقارات.
وفي ختام كلمته، شدد الاستاذ عبدالرزاق فتاح، على أن مهنة التوثيق تتميز ببعدها الاستراتيجي المرتبط بالتطور الاقتصادي والتنموي، وما له من انعكاس يؤثر إيجابا على استقرار المعاملات ومنع كل المنازعات المستقبلية وحفظ حقوق المتعاقدين والأغيار.
وفي ختام كلمته، تمنى المسؤول القضائي، أتكون المناقشات في صميم موضوع “شكل وصحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائيي” من أجل إيجاد الحلول المناسبة لكل الإشكالات والمعيقات التي تعترض عمل الموثق في ارتباطه بمهنة التوثيق، والخروج بتوصيات ومخرجات تمكن من التغلب على  مكامن الضعف التي تعترض تحرير العقود التوثيقية.
ولم يفوت المسؤول القضائي نفسه الفرصة ليتقدم بأسمى عبارات التقدير والتنويه للسادة رؤساء المجالس الجهوية للموثقين باكادير وكلميم والعيون وبني ملال وخنيفرة ومراكش وكافة أعضاء مجالسها ولجميع السيدات الموثقات والسادة الموثقين وللسيد رئيس الودادية الحسنية للقضاة والسادة المستشارين ونواب الوكيل العام للملك.
كما توجه بالشكر لجميع السيدات والسادة الموثقين التابعين للمجلس الجهوي بأكادير كلميم والعيون في انجاح الدورة التكوينية المنعقدة بتاريخ 12 دجنبر 2024 تحت عنوان “دور الموثق في تحقيق الامن التعاقدي”، وكذا اللجنة العلمية التي سهرت على إعداد و إخراج العدد الاول من مجلة الدورات التكوينية لسنة 2024 والتي تعد ميلادا جديدا تصدره النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير والمجلس الجهوي للموثقين بأكادير كلميم والعيون، وفي هذا السياق أود أن أنوه بالعدد الأول من المجلة التي تُعد بمثابة منبر علمي ومهني رائد، يثري مهنة التوثيق بما تحتويه من دراسات وأبحاث تساهم في تطوير الممارسات القانونية والتوثيقية وستكون لا محالة مرجعا لجميع الفاعلين في مجال العدالة الذين يسهرون على حسن تدبير المرفق القضائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى