دولية

لحظة مفصلية في السودان..فهل يغيّر السيطرة على الفاشر موازين حرب الاخوة؟

في لحظة مفصلية من مسار الحرب السودانية، أعلن مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا محمد طبيق، أن سيطرة قواته على مدينة الفاشر تمثل “نقطة تحول كبرى” في الصراع العسكري، مؤكدا أن الهدف القادم هو تحرير كامل التراب السوداني.
تصريحات طبيق، خلال حديثه إلى التاسعة على سكاي نيوز عربية، جاءت محمّلة برسائل سياسية وعسكرية تعكس ثقة ميدانية متصاعدة، لكنها في الوقت ذاته تثير أسئلة حول مستقبل البلاد في ظل استمرار الحرب وتعدد المبادرات الدولية الساعية لوقفها.
انتصار الفاشر.. نقطة تحول عسكرية:
أبرز طبيق أن ما وصفه بـ”الانتصار العظيم” الذي تحقق في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يُعدّ تحوّلًا جوهريًا في موازين الصراع.
وقال إن السيطرة على مقر قيادة الجيش هناك تمثل “تحريرًا لخط الدفاع الغربي الأول للسودان”، مشيرًا إلى أن الفاشر كانت تضم أكثر من 40 ألف جندي من الجيش وقوات الأمن والمستنفَرين والحركات المسلحة.
وأوضح أن المدينة تُعدّ من الناحية الاستراتيجية مركزًا يربط ولايات دارفور وكردفان والخرطوم، مؤكدا أن السيطرة عليها تفتح الباب أمام التقدم نحو مناطق أخرى مثل الأبيض وكوستي.
ووصف طبيق العملية بأنها “التحرير الأكبر”، معتبرًا أنها تمهد لإعادة رسم الخارطة العسكرية في السودان وتحقيق ما سماه “التحول العملياتي الشامل”.
خطاب “التحرير” وتبرير المعركة:
في قراءته لمعنى المعركة، شدد مستشار قائد الدعم السريع على أن ما جرى في الفاشر هو “تحرير من المجموعات المتطرفة” المرتبطة بالحركة الإسلامية و”الإخوان”، في إشارة إلى خصوم القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقال إن المعركة كانت حاسمة لأن الجيش السوداني «حشد فيها عناصر متطرفة ومرتزقة» لاعتبارها “المدينة الفاصلة في الحرب الدائرة الآن”.
وأكد طبيق أن هذه الانتصارات تأتي تنفيذا لتوجيهات القائد العام لقوات الدعم السريع الفريق أول عبد الرحيم دقلو، الذي أصدر أوامر صريحة بـ”تحرير كامل السودان من الجماعات الإرهابية والمتطرفة”.
واعتبر أن المعركة ليست ضد الجيش ككيان وطني، بل ضد “المجموعات التي اختطفت المؤسسة العسكرية لحساب أيديولوجيات دينية متشددة”.
المدنيون في قلب الخطاب:
رغم الخطاب العسكري الصارم، خصّ طبيق المدنيين بحيّز واسع من تصريحاته، مؤكدا أن “الأوضاع الإنسانية أولوية قصوى” لدى قيادة الدعم السريع.
وأوضح أن القوات فتحت مسارات آمنة، ووفرت مناطق لجوء للمدنيين داخل الفاشر وخارجها، مشيرًا إلى أن أعداد الضحايا بين المدنيين “ضئيلة جدًا”، وأن جزءًا كبيرًا من القتلى “كان من المسنفرين الذين يقاتلون ضمن الجماعات الإسلامية”.
وأضاف أن القائد عبد الرحيم دقلو أصدر تعليمات واضحة بمنع أي تعدٍّ على ممتلكات المواطنين، وأن أي قوات لا تلتزم بذلك “ستُحاسَب بشدة”. كما تعهّد بفتح المدينة أمام عودة الأهالي ووصول المساعدات الإنسانية، معتبرًا أن الوضع داخل الفاشر “يتحول تدريجيًا نحو الاستقرار”.
الانفتاح على المبادرات الدولية:
في جانب آخر من حديثه، أبدى طبيق ترحيبا بالمبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى إنهاء الصراع، مؤكدًا أن قوات الدعم السريع “كانت ولا تزال حريصة على السلام”.
وقال إن التحالف السوداني وقيادة الدعم السريع رحبا ببيان المجموعة الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) الذي دعا إلى وقف القتال وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح أن قواته مستعدة للنظر في أي مبادرة “تفضي إلى هدنة حقيقية مدتها ثلاثة أشهر لتوصيل الإغاثة”، لكنه اتهم الطرف الآخر – في إشارة إلى قيادة الجيش – بـ”إفشال كل جولات التفاوض السابقة”، بما في ذلك مفاوضات جدة والمنامة وجنيف، من خلال “الاستعانة بجماعات إرهابية ومجاهدين متشددين”.

نحو “تحرير كامل السودان”:
وفي ختام مداخلته، أكد مستشار قائد الدعم السريع أن العمليات العسكرية “لن تتوقف حتى يتم تحرير كامل السودان من المجموعات المتطرفة”، مشددًا على أن هذا المسار يشكّل “أمرًا استراتيجيًا”.
وأشار إلى أن الخطاب الأخير للقائد الرئاسي في قوات الدعم السريع “أوضح أن العمليات ستستمر لتجفيف منابع الإرهاب داخل البلاد”.
ووفق رؤية طبيق، فإن “التحرير العسكري” هو مدخل لتحقيق سلام شامل، إذ يعتبر أن «قوات الدعم السريع هي الركيزة الأولى للوحدة الوطنية وإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس مدنية جديدة”.
ورغم تأكيده الانفتاح على الجهود الدولية، إلا أن خطابه ظلّ متمسكًا بخيار الحسم العسكري بوصفه الطريق الأقصر – في نظره – لإنهاء الحرب وإعادة بناء السودان.
بينما يرى المجتمع الدولي أن الأزمة السودانية لا تُحلّ بالسلاح، تؤكد تصريحات طبيق أن قوات الدعم السريع ماضية في مشروعها العسكري حتى “تحرير كامل التراب السوداني”.
سيطرة الفاشر، من وجهة نظر قيادتها، ليست نهاية المعركة بل بدايتها الحقيقية، في بلدٍ تتقاطع على أرضه الحسابات الإقليمية والدولية، ويقف فيه المدنيون مرة أخرى في قلب العاصفة بين وعود الحماية وحقائق الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى