محلية و جهوية

تحقيق صحفي،يكشف زيف وعدم دقة معطيات مايعرف ب”ملف عقار إنزكان” الذي أطاح بالعامل أبو الحقوق.

مند صدور القرار الإداري المفاجئ ليلة الخميس 11 سبتمبر 2025، بإنهاء مهام، أحد رجالات الإدارة الترابية السيد اسماعيل ابو الحقوق، الذي رافقته وسائل الاعلام وساكنة الإقليم عامة مند تعينه على راس عمالة انزكان ايت ملول بتاريخ 30 غشت 2018، كرجل تواصل وتفان واخلاص متشبع بروح وفلسفة المفهوم الجديد للسلطة الذي يرتكز على التواصل مع كل شرائح المجتمع لتحسين وتوطيد العلاقة بين الادارة  والمواطن وزرع الثقة بتقريب الادارة من المواطنين،وهو ما جعله يبصم بشرف رغم الكثير من الصعوبات والعراقيل على حصيلة مميزة، في معركة وضع سكة الاقليم التنموية في مسارها الصحيح الدي فقدته لعقود…معركة تحسين ظروف عيش الساكنة، ودعم المبادرات والمشاريع الشبابية والبنى التحتية…مما أسهم في تغيير ملامح الإقليم بشكل جذري نحو الأفضل، مما خلق امالا كبيرة وتقة لطالما كانت مفقودة لعدة سنوات…

لكن سرعان ما زلزلت هده الصورة بسبب واقعة غامضة وقرار مفاجى، انقسم الشارع في تفسير خلفياته- بعد انكفاء وزارة الداخلية عن اصدار اي بلاغ او تقرير رسمي لتفسير ما حصل، اللهم ما ثم نشره في بعض المنابر الاعلامية- بين من فسر ذلك بمؤامرة سياسوية حزبوية، واخر باعتبار ذلك صراع بين الكبار في الجهة ،على اعتبار كاريزما وكفاءة السيد اسماعيل ابو الحقوق ربما اصبحت تؤرق البعض، هذا البعض الدي ربما يحس ويجد نفسه ضعيف وقليل الحيلة امام ابو الحقوق.
وفي غياب معطيات رسمية، وانتشار الاشاعات”من خلال عشرات الحسابات الوهمية داخل فضاء التواصل الاجتماعي-فيسبوك-” بشكل كبير ومنسق غير مفهوم ،مما يوحي للمتابع البسيط بأن هناك جهة ما تسعى لإدانة شعبوية للمعني، اكثر من سعيها لتحقيق القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة…
في هذا الاطار ثم تشكيل مجموعة بحث وتقصي مكونة من خبرات قانونية واعلامية بالاضافة لمجموعة من دوي الخبرة والاختصاص في المجال العقاري وممارسة مساطير التعمير والتدبير الجماعي للشان العمومي في مجال التعمير.
وهي المجموعة التي اخدت على كاهلها مسؤولية التنقيب والبحث الميداني عن كل ما سيفيد في فهم القضية وملابساتها، ثم تنوير الراي العام وتصحيح مجموعة من المغالطات والاشاعات التي ثم نشرها وترويجها في علاقة بالملف…
وبعد عمل جماعي كبير ومضني، قاد مجموعة البحث نحو دهاليز الجماعة الترابية لانزكان، عمالة انزكان ايت ملول، مجموعة العمران، الوكالة الحضرية، المديرية الجهوية للتربية والتكوين ، المندوبية الاقليمية للتربية والتكوين، وزارة التربية، مديرية الاملاك المخزنية….تمكن الفريق من تحصيل معطيات مفصلة تتعارض بشكل مباشر مع الرواية الإعلامية التي سبقت قرار إنهاء مهام عامل عمالة إنزكان أيت ملول، إسماعيل أبو الحقوق، ليلة 11 شتنبر 2025.
وفي مقدمة هذه المعطيات، تمكن التحقيق، من كشف زيف وعدم دقة الاتهامات بـ”تحويل وعاء عقاري مخصص لمؤسسة تعليمية إلى مركز تجاري”، حيث اكدث  التصريحات الرسمية والوتائق المتحصل عليها، أن المسار القانوني للعقار والترخيص الممنوح له كانا متوافقين مع القوانين الجاري بها العمل.

وهكذا يكشف التحقيق  بناء على الوثائق الرسمية المرفقة،ان العقار كان في الأصل في ملك الدولة الخاص، قبل أن تشتريه “المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء للجهة الجنوبية” (ERAC SUD) عام 1989.
ولاحقا، قامت شركة “العمران” (وريثة ERAC SUD) بعملية ضم وتقسيم للأراضي، واستخرجت للعقار رسما عقاريا مستقلا (رقم 18834/60)، وبتاريخ 5 دجنبر 2017، باعت “العمران” هذا العقار لشركة خاصة تدعى “TISLIT SAKAN”، حيث لم تكن عملية بيع تقليدية، بل كانت نتيجة بروتوكول اتفاقي معقد يعود إلى مارس 2016.
وبموجب هذا الاتفاق، تنازلت شركة “BASTIF” (التي يملكها نفس شركاء “TISLIT SAKAN”) عن جزء من أرض تملكها بالدشيرة الجهادية لصالح “العمران” لإنشاء منافذ لمشروع سكني، مقابل أن تفوت “العمران” عقار إنزكان لشركة “TISLIT SAKAN”، مع أداء مبلغ إضافي قدره 2,335,500.00 درهم.
والأهم من ذلك، وفق معطيات التحقيق، أن العقار كان مخصصا كمرفق عمومي P08 في تصميم تهيئة سنة 2002، والذي انتهت صلاحيته القانونية في 2012. وبحسب المادة 28 من قانون التعمير 25.90، فإن عدم قيام الجهات العمومية باقتناء العقار خلال فترة سريان التصميم يؤدي إلى سقوط تخصيصه للمنفعة العامة “بقوة القانون”، وهو ما حدث بالفعل، مما حرر العقار من أي تحملات.
أما الادعاء الأساسي بشأن تحويل أرض مخصصة لمدرسة، فقد كشف التحقيق عن وجود تضليل في الموضوع، حيث أفاد إطار بمصلحة التعمير بجماعة إنزكان أن تصميم التهيئة المصادق عليه في 6 يوليوز 2023، والذي كان مبدئيا باقتراح من الوكالة الحضرية بعد سنوات من غياب التغطية بوثائق التعمير لجماعة انزكان والجماعات الستة الاخرى بالاقليم، والتي كانت تكتفي فيما مضى على اعتماد منهجية المحاضر امام تعطيل  تصاميم التهيئة، الواقع الدي تصدى له عامل الاقليم مند بداية تعيينه سنة 2018 باتفاق مع مدير الوكالة الحضرية والمفتش الجهوي للتعمير، اللذين يتقاسمان معه نفس التوجه لعدة اسباب حالت دون بناء  ترابي منسجم ومتطور، مضبوط بما يخدم الرؤيا التنموية المنشودة، وعليه بتصميم التهيئة المصادق عليه بتاريخ 06 يوليوز 2023 هو الوثيقة القانونية الوحيدة السارية المفعول، أما ما سمي إعلاميا بـ”تصميم تهيئة 2021″ الذي حمل مقترح إنشاء مدرسة على العقار، فلم يكن سوى “وثيقة عمل تحضيرية ودراسة أولية” قدمتها الوكالة الحضرية، لا تكتسي أي صبغة قانونية ملزمة، حيث تم استبعاد هذا المقترح خلال اجتماعات اللجان التقنية والإقليمية لعدة أسباب.
ومن بين تلك الأسباب أن الدراسة الأولية لم تأخذ بعين الاعتبار وجود مدرسة خاصة قائمة بالفعل في الجوار المباشر، مما يجعل إنشاء مدرسة عمومية أخرى غير ذي جدوى، بالإضافة إلى أن مساحة العقار المتبقية بعد خصم الطرق المحاذية لا تتوافق مع معايير وزارة التربية الوطنية، التي تشترط حدا أدنى لا يقل عن 5000 متر مربع للمدارس الابتدائية كما تؤكد رسالة الوزير بتاريخ 2 أكتوبر 1998، واكذه الراي الصريح للمديرية الاقليمية للتعليم المبني على فحوى المراسلة الوزارية رقم 07/4608 المشار اليها سابقا.
وبناء على ذلك، أجمعت اللجان على استبعاد المقترح، وقامت بتوطين المرفق المدرسي E42 في موقع آخر أكثر ملاءمة ضمن تصميم التهيئة النهائي المصادق عليه، وهو ما يمكن التأكد منه بالرجوع إلى وثائق التصميم(الصورة اسفله).
وبعد أن اشترت شركة SAKANE 3D العقار بتاريخ 27 مارس 2023، تقدمت بطلب رخصة البناء عبر المنصة الرقمية “ROKHAS” بتاريخ 16 غشت 2023، وهو ما اعتبره التحقيق أمرا يفند ادعاءات استغلال النفوذ.
وأكتشف التحقيق أن الملف خضع للمسطرة القانونية، حيث درسته كل من الوكالة الحضرية، الجماعة، وقسم التعمير بالعمالة، وحصل على الرأي الإيجابي الملزم من الوكالة الحضرية، مشددا على أن حصول الملف على “رخصة استثنائية”، هو مجرد “أكذوبة”، لأن هذا النوع من الرخص لم يعد معمولا به منذ فبراير 2020.وأضاف التحقيق، أنه على عكس ما يروج عن معاملة تفضيلية، فإن مسطرة الترخيص لهذا المشروع استغرقت قرابة 5 أشهر، وهي مدة أطول من المألوف، مما ينفي أي شبهة تسريع أو استغلال للنفوذ.
وخلص التحقيق إلى أن القراءة المتأنية للوثائق والمسار القانوني للملف تنفي بشكل قاطع كل ما ورد في المقالات الصحفية التي تطرقت إلى الموضوع، متسائلا “كيف تبيع شركة “العمران” الحكومية عقارا دو منفعة عامة لشركة خاصة؟، وكيف يمكن لمصالح المحافظة العقارية والمسح الطبوغرافي، تحفيظ عقار مخصص لمرفق عمومي ليصبح موضوع معاملات تجارية تنتقل ملكيته من شركة الى اخرى؟ ولماذا لم تقدم مديرية املاك الدولة او مديرية التعليم أو الجماعة أي تعرض خلال مساطر التحفيظ والبحث العمومي لتصميم التهيئة؟ وكيف يمكن لمصالح الجماعة الترابية لانزكان استصدار رخصة بناء المشروع بمواصفاته المعمارية التي تخيلتها بعض الاقلام والواقفين وراءها؟”.
وشدد فريق البحث على أن العقار كان محررا قانونيا من أي تخصيص، وأن عملية الترخيص احترمت كافة الضوابط المعمول بها، معتبرا أن” قرار إعفاء العامل أبو الحقوق استند، على الأرجح، إلى معطيات مغلوطة وفبركة إعلامية”، متسائلا: “ما هي الأسباب الحقيقية وراء القرار الإداري المتسرع بإنهاء مهام العامل إسماعيل أبو الحقوق؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى