
حكومة جمهورية القبايل ترد بقوة على تصريحات بنكيران.
ردّت حكومة جمهورية القبايل، التي أعلنت استقلالها عن الاحتلال الجزائري، على التصريحات الصادرة عن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، والتي اعتبر فيها أن استقلال منطقة القبائل “لا يجوز شرعًا”، في موقف أثار ردود فعل غاضبة داخل الأوساط السياسية والحقوقية المحسوبة على الحركة القبايلية، وفتح جدلا واسعا حول تداخل المواقف الإيديولوجية مع حسابات الصراع الإقليمي.
وفي أول رد رسمي، عبّر أكسيل بلعباسي، مستشار رئيس حكومة القبايل فرحات مهني، عن استغرابه مما وصفه بانخراط حزب سياسي مغربي في خطاب ينسجم، بحسب تعبيره، مع سردية النظام الجزائري، معتبرا أن تصريحات بنكيران لا يمكن فصلها عن السياق السياسي الذي تعيشه المنطقة، ولا عن تاريخ العلاقات المتوترة بين الرباط والجزائر، معتبرا أن الموقف الصادر عن حزب مغربي كان من المفترض أن يستحضر، في الحد الأدنى، حجم الضرر الذي ألحقته السياسات الجزائرية بالمغرب على مدى عقود.
وأوضح بلعباسي أن إعلان استقلال القبايل في 14 دجنبر 2025 قوبل، كما كان متوقعا، برد فعل عنيف من السلطات الجزائرية وأجهزتها الإعلامية، غير أن ما وصفه بـ”التحول غير المفهوم”تمثل في دخول فاعل حزبي مغربي على خط هذا الهجوم، في وقت يرى فيه القبايليون أن المغرب كان ولا يزال من أكثر الدول تضررا من ممارسات النظام الجزائري، سواء على المستوى السياسي أو الأمني أو الإنساني.
وفي هذا السياق، استحضر مستشار رئيس حكومة القبايل محطات وصفها بـ”الدامية” في تاريخ العلاقات بين البلدين، مذكّرا باستشهاد آلاف الجنود المغاربة في الدفاع عن الصحراء، وبقرار ترحيل مئات الآلاف من المغاربة من الجزائر سنة 1975 ومصادرة ممتلكاتهم، إضافة إلى حوادث إطلاق النار التي أودت بحياة مواطنين مغاربة، من بينها أحداث السعيدية، حيث اعتبر أن تجاهل هذا الإرث الثقيل، مقابل توجيه الانتقادات لحركة تحررية، يعكس، بحسب قوله، خللا في ترتيب الأولويات.
وذهب بلعباسي أبعد من ذلك حين اعتبر أن مهاجمة الحركة القبايلية من منطلقات “شرعية”أو “أخلاقية” لا تستقيم، في ظل ما وصفه بتاريخ الحزب في تبني مرجعيات إيديولوجية عابرة للحدود، وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين، الذي حمّله مسؤولية زعزعة استقرار عدد من الدول، مضيفا أن جهة، على حد تعبيره، “لم تُظهر ولاءً واضحًا للمصالح الوطنية المغربية”، لا تملك، في نظره، الأهلية السياسية أو الأخلاقية لإعطاء دروس لشعوب أخرى في خياراتها النضالية.
كما تطرق المسؤول القبايلي إلى اتهامات حزب العدالة والتنمية للقبائليين بالسعي إلى “التفرقة”، معتبرا أن هذه التهمة تصدر عن تيار حارب الأمازيغية داخل المغرب لعقود، وسعى، بحسب وصفه، إلى تهميشها ثقافيا وسياسيا، حيث استحضر في هذا الصدد تصريحات سابقة لقيادات في الحزب وُصفت فيها الأمازيغية بعبارات اعتبرها مهينة، وهو ما يرى فيه القبايليون تناقضًا صارخًا بين الخطاب المعلن حول “وحدة الأمة” والممارسة الفعلية تجاه الهويات الأصلية.
وختم بلعباسي موقفه بالتشكيك في خطاب “نصرة الشعوب المظلومة” الذي يرفعه الحزب، متسائلا عن صمته إزاء ما يعتبره القبايليون انتهاكات جسيمة تطالهم، من اعتقال مئات النشطاء، وصدور أحكام بالإعدام في حق العشرات، وتهجير أعداد كبيرة نحو المنفى، إضافة إلى أحداث سنة 2021 التي شهدت حرائق واسعة ومقتل مئات المدنيين، وفق الرواية القبايلية.
في المقابل، كان عبد الإله بنكيران قد عبّر، في وقت سابق، عن رفضه القاطع لإعلان استقلال القبايل، واصفا الخطوة بأنها “خطأ جسيم”و”شر مستطير”، ومحذرًا من تداعياتها على استقرار الجزائر والمنطقة ككل، حيث اعتبر، خلال اجتماع للأمانة العامة لحزبه، أن ما يجري يندرج ضمن ما سماه “مخططات استعمارية جديدة” تستهدف تفكيك دول المنطقة، مؤكدا أن مبدأ وحدة الأمة، بحسب تعبيره، يسمو على منطق الانفصال.
وشدد بنكيران على رفضه لفكرة “المعاملة بالمثل”، رغم دعم الجزائر للانفصال في الصحراء، معتبرا أن تشجيع أي انفصال جديد لا يخدم مصالح المغرب ولا الجزائر، بل يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى، كما دعا سكان منطقة القبائل إلى التمسك بالوحدة وانتظار تحسن الأوضاع الداخلية، مجددا التأكيد على أن “زيادة تقسيم بلاد المسلمين لا يجوز”.



