لعروسي:”الجزائر تقوم بأدوار قذرة لصالح فرنسا بشمال إفريقيا وتناصر الإرهاب واللااستقرار”.
قال عصام لعروسي،وهو خبير في الدّراسات الأمنية والاستراتيجية، إن “الجزائر تقوم بأدوار قذرة وسيئة لفائدة فرنسا في منطقة الغرب الإفريقي من أجل مصالح سياسية وجيواستراتيجية واقتصادية، فكلا البلدين يناصران الإرهاب ويدفعان إلى اللاّاستقرار بالمنطقة”.
وأوضح لعروسي، في حوار مع أسبوعية “الوطن الآن”،أ ن “الجزائر من خلال سلوكها الرّسمي وغير الرّسمي تقوم باستمرار النّزاع والخلاف داخل مالي، فلا جدوى للماليين للاحتفاظ باتفاق السلام لعام 2015 ، فهو اتفاق منزوع من كل جدّية، وفاقد من كل مصداقية، بإيعاز من رديفتها فرنسا المتحكمة فيها، وفي كل قراراتها”.
ما وقع في مالي والنيجر اعتبره البعض صفعة جديدة للجزائر التي تسير كل مساعيها في المنطقة ودول جنوب السّاحل بنتائج عكسية. ما قراءتكم لما حصل ويحصل؟.
حقيقة أن اتهام المجلس العسكري في مالي الجزائر القيام بأعمال عدائية والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد هو تحصيل حاصل لإنهاء اتفاق الجزائر مع المتمردين الموقع في عام 2015. وهو ما يعني رفض ممنهج للتدخل الجزائري، ورفض ممنهج للسلوك الجزائري في مالي، وفي طريقة تعاطي الجزائر مع الأزمة في مالي، من خلال التدخل في الشؤون الداخلية في مالي. ومن خلال التعتيم على ما تقوم به النخبة العسكرية الحاكمة من جهود .
وبالتالي، فإن الجزائر من خلال سلوكها الرّسمي وغير الرّسمي تقوم باستمرار النّزاع والخلاف داخل مالي، فلا جدوى للماليين للاحتفاظ باتفاق السلام لعام 2015، فهو اتفاق منزوع من كل جدّية، وفاقد من كل مصداقية.
طبعا هذا الموقف يبين أن الديبلوماسية الجزائرية فشلت في ملف مالي، وفشلت في الحفاظ على الاستقرار للمنطقة، فالجزائر تروّج، من خلال احتضانها لبعض المؤتمرات وللتحالف العسكري للدول الخمسة، كانت تقود هذه الاستراتيجية التي انطلقت سنة 2010، فهي من تعتبر أنها تقود هذا المسار لإحلال السّلام. لكن حقيقة ما تقوم به الجزائر من دسائس وتوظيف الميليشيات والجماعات المتطرفة، وخاصة الجماعة الإسلامية المتطرفة، ومحاولة التحكم في الملف المالي بطريقة تراوغ فيها الداخل المالي، وتتقارب مع فرنسا، في بعض المواقف، مما حدا بمالي إلى طرد السفير الفرنسي وفعلته النيجر أيضا، حتى جعلت المنطقة في وضع أمني واستراتيجي لا يحسد عليه بهذا السلوك، فصارت الجزائر مرفوضة من قبل دول الجوار، خاصة وأنه توجد حدود ما بينها وبين مالي. والجزائر تباشر عمليات عدائية في الصحراء من خلال جماعات إرهابية متطرفة تصيب شظاياها المنطقة.
يبدو أن الجزائر تباشر في منطقة مالي ودول السّاحل «دور المناولة» لفائدة فرنسا. وحتى الأمم المتحدة فشلت في كل مساعي الوساطة والتهدئة، خاصة وأن الجزائر تلعب على الحبلين في مالي، فهي ترعى وتناصر جماعة ”نصرة الإسلام”، وفي نفس الوقت تدعم الإرهاب لأغراض استراتيجية بمعية فرنسا. لماذا وكيف؟
بالتأكيد أن للجزائر أدوار وظيفية، وتحاول أن تكرّس الوضع الانقسامي في مالي واستمرار التشرذم والانقسام في البنية السّياسية لمالي من خلال سياسة المناولة كما أشرت، وأيضا من خلال لعب أدوار لفائدة فرنسا، والتي صارت فيه الغائب الكبير عن الساحة السياسية والعسكرية رغم وجود بعض القواعد العسكرية الفرنسية في تشاد وجيبوتي وفي بوركينافاصو. فهذا الدور الجزائري يتم بإيعاز وتنسيق مع فرنسا التي فقدت البوصلة، وتعتبر أن وجودها العسكري والجيوسياسي في مالي، باعتبار لعبة التّوازن الدولي، لم تكن بشكل أو بآخر في مصلحة فرنسا التي تحتل مكانة متدنية في الصّراع على النّفوذ بالمنطقة.
يرى مراقبون أن فرنسا هي من تشرف على الإرهاب وترعاه في المنطقة، فهي من تزكّي القاعدة ودسائس الجزائر فرنسية أيضا في محاولتيهما لتطويق المغرب جنوبا وشرقا. كيف تقرأ ما حصل ويحصل؟
الجزائر تحارب المغرب وتسخّر نزعتها العدائية والعدوانية من أجل تشتيت المنطقة وزعزعة استقرارها لأجل مطامح ومطامع فرنسا وأجندتها الجيواستراتيجية التي تعتبر أن المنطقة الإفريقية لها مصالح فرنسية في الغرب الإفريقي من ثروات معدنية وخيرات اقتصادية، بمعنى أن من يريد استغلال الوضع هي فرنسا والجزائر الخادم المطيع لقصر الإليزي تنفّذ التعليمات والرغبات، والإبقاء النظام العسكري متحكما في المشهد محافظا على السلطة حتى يكتسب الشرعية المفتقدة إزاء المحيط الإقليمي.
أدوار الجزائر الإقليمية أصبحت للأسف سيئة وقذرة من خلال استخدام ديبلوماسية مباشرة تدافع عن هذه الحقائق، وبطريقة غير مباشرة من خلال الميليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية وعمليات إرهابية يتم إنجازها من قبل فرنسا وبتزكية منها حتى يبقى الوضع متوثرا، وعلى ما هو عليه.