أريري: نريد صعود البوديوم العالمي في التعليم والصحة وليس في الفساد !

في عهد الملك الفرنسي لويس 15 (توفي عام 1774)، استشرى الفساد بشكل سرطاني في فرنسا، واستأسد مستشارو الملك وتغولوا، لدرجة أنهم أفرغوا خزائن الدولة من الودائع ووضعوها في حساباتهم، بل وباعوا حتى خيول الدولة.
هذه الحقبة أرخ لها فولتير، الكاتب المشهور وأحد مفكري عصر التنوير، بقولته الساخرة: «لماذا تبيعون بغال الدولة وتتركون دواب البرلمان؟!». وهي القولة التي ستكلف فولتير الذهاب إلى السجن.
المغرب، وخلال ربع قرن، بنى معمارا رقابيا ومؤسساتيا لمحاربة الفساد ومكافحته، لكن يبدو أن هذه السياسة لم تسمح إلا بتمدد الفساد و«تسرطنه»، بدل أن تمنح المغرب تذكرة الولوج إلى نادي الدول الشفافة والنزيهة.
فلا خَلْقُ اللجنة الوطنية المحاربة الرشوة عام 1999 أعطى أكله.
ولا دسترة الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة عام 2011 أعطى مفعوله.
ولا المصادقة على الاتفاقيات الأممية بخصوص مكافحة الفساد عجل بتحصين المغرب.
ولا مصادقة البرلمان على القانون 46.19 لتجفيف الفساد حسن من ترتيب المغرب ومن مناخ الأعمال.
ولا إصلاح نصوص الصفقات العمومية عام 2013 أوقف «اللهطة واللهفة» على المال العام.
ولا الاجتماع الأول والثاني للجنة الوطنية لمحاربة الرشوة (في 2018 و2019) خلق الاطمئنان بأن المغرب «قطع الواد ونشفو رجليه» في محاربة الفساد.
المغرب أمام مفترق طرق: إما أن يبقي على الفساد ويعلي من قيمة المفسدين، ليبقى المغرب فريسة تنهشها كلاب أوربا وأمريكا، وإما أن يغير المقاربة في مكافحة الفساد ببيع بغال الحكومة ودواب البرلمان..وزد عليهم بعض”كيادر” الجماعات والعمالات والمؤسسات العمومية.
فنحن نريد صعود البوديوم العالمي في التعليم والصحة وفي التكنولوجيا وفي توزيع الثروة..ولا نريد أن يبقى المغرب في بوديوم الفساد !