احتج عدد من النواب البرلمانيين، أغلبية ومعارضة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، امس الإثنين 03 يناير 2025، ضد ما وصفوه بـ”الإقصاء والتلاعب المتعمد” لفرقهم من البث التلفزي المباشر لجلسات البرلمان، حيث عبروا عن استيائهم من الطريقة التي يتم بها نقل الجلسات التلفزية، مشيرين إلى أنه يتم “تهميش بعض الفرق البرلمانية” من حقها في البث التلفزي.
وتقدم عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية العدالة والتنمية، بنقطة نظام قبل انطلاق الجلسة، طالب خلالها بتوزيع عادل للصورة في النقل التلفزي المباشر، حيث قال “إن فريقه محروم من الظهور خلال تصوير الجلسات، وأنه لا يحق لأي شخص تحديد المشاهد التي يجب التقاطها أثناء النقل المباشر”، داعيًا إلى وضع ميثاق أخلاقي ينظم هذه العملية.
من جهتها، استنكرت النائبة عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، ريم شباط، ما اعتبرته “مصادرة لحقها في البث التلفزي المباشر، حيث أوضحت في نقطة نظام خلال الجلسة أن لوحة رفعتها أثناء مداخلتها في جلسة سابقة، لم تظهر على شاشة التلفاز، معتبرة أن ذلك يشكل “خرقًا سافرًا للفصل العاشر من الدستور، الذي ينظم حقوق المعارضة في البرلمان”.
وتعود القضية إلى مداخلة شباط السابقة خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب الإثنين 27 يناير 2025، حيث رفعت لوحة تبرز الحالة “المزرية” لحافلات النقل العمومي بمدينة فاس، لكنها لم تظهر في البث التلفزي، وهو ما أثار تساؤلات عما إذا كان هذا “التعتيم” مقصودًا أم مجرد صدفة، كما طرحت أسئلة أخرى حول طريقة ومنطق الإخراج التلفزي لجلسات البرلمان.
وفي الوقت الذي تواصل فيه مكونات الأغلبية التأكيد على الانسجام بينها، وتنفي وجود أي انقسامات، ساند أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، بدوره مطالبة بووانو، حيث انتقد القائمين على الإخراج التلفزي لجلسات البرلمان.
كما أشار التويزي إلى أن فريقه، الذي يتواجد ضمن فرق الأغلبية، “يتم إقصاؤه عن البث المباشر لصالح فرق برلمانية أخرى”، مطالبًا بضرورة “وضع ميثاق أخلاقي ينظم كيفية توزيع الصورة بشكل عادل على كافة الفرق البرلمانية بدلاً من احتكارها”.
وتعليقا على الموضوع، قالت مريم ابليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن “مصلحة البث التلفزي والتوثيق السمعي البصري هي المسؤولة عن تنظيم عملية النقل التلفزي المباشر للجلسات العمومية، مضيفة أن هذه المصلحة، التي ترتبط مباشرة بالكتابة العامة، تقوم بتنسيق النقل المباشر مع الإذاعة الوطنية، لكنها هي المسؤولة عن إخراج الجلسات التلفزيونية.
وأوضحت ابليل في تصريحها لصحيفة “صوت المغرب”، أن عملية النقل التلفزي المباشر تنظم وفقًا لقرار المكتب 18.04، حيث تتحمل مصلحة البث التلفزي والتوثيق السمعي البصري المسؤولية عن تصوير وتسجيل الجلسات العامة في البرلمان، كما تعد هذه المصلحة أيضًا مسؤولة عن التسجيل الصوتي والبصري لأشغال اللجان في البرلمان.
أما فيما يخص ما اعتبرته النائبة ريم شباط من أن عدم إظهار لوحتها في البث المباشر للأشغال الجلسة يشكل خرقًا للفصل 10 من الدستور، أشارت أبليل إلى أن هذا الفصل يضمن حقوق المعارضة في البرلمان، ويشدد على ضرورة تحديد كيفية ممارسة فرق المعارضة لهذه الحقوق بموجب قوانين تنظيمية أو نظام داخلي لكل من مجلسي البرلمان.
وتابعت ابليل أن المشكلة تكمن في غياب مقياس قانوني حقيقي يقيم مدى التزام المجلس بتوزيع عادل للبث التلفزي. كما أنه لا توجد آلية واضحة للطعن في هذه القضية في حال تم التثبت من وجود خرق لحقوق المعارضة، وهو ما يضع بحسبها الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية معالجة مثل هذه القضايا.
وفي غضون ذلك، نبهت أبليل إلى أهمية تحسين النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بحقوق المعارضة، لضمان حصول الفرق البرلمانية على فرصة عادلة للبث التلفزي المباشر. كما أشارت إلى أن وجود قناة برلمانية متخصصة سيساهم في تعزيز التواصل بين النواب والمواطنين.