الدور الأمني و العسكري للمغرب في منطقة الساحل الافريقي

تحتوي منطقة الساحل والصحراء الأفريقية على الكثير من عناصر المخاطر والتحديات الأمنية في مفهومها الشامل والمعاصر، الذي يشمل الظواهر الإجرامية المستحدثة والجرائم المنظمة والمخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ علاوة على الظواهر الإجرامية الإلكترونية والعمليات الإرهابية بشقيها التقليدية والمتطورة. وتمثِّل هذه الكتلة الجغرافية في الصحراء والساحل أكبر المناطق إزعاجاً للدول الأفريقية وأكثرها هشاشة في المنظومة الأمنية، وأوسعها رخاوة في جلب التنظيمات الإرهابية المتطرفة؛ ولهذا احتلت قمة اهتمامات الدوائر الأمنية ومؤسسات صنع القرار السياسي على المستويين الإقليمي والدولي معاً.
وبلغ موضوع الأمن في منطقة الساحل والصحراء من التعقيد ما جعل الكثير ينظرون إليها في غاية من القتامة والتشاؤم ويصفونها بالمعضلة الأمنية العويصة، التي لم تكن مجرد تهديد أمني لأفريقيا وحدها بل أصبحت آثارها الممتدة وغير المباشرة مصدر تهديد لأمن دول الجوار العربية وللدول الأوروبية على السواء،
كما أنها منطقة تستحوذ على نسبة عالية من الأحداث الإرهابية العنيفة وهذا النوع من الأحداث كما عرَّفته الجهة الأفريقية ذات الاختصاص بالدراسات المعمقة في الإرهاب وتجلياته في أفريقيا -مركز تابع للاتحاد الأفريقي-  الإرهاب: هو “عبارة عن فعل غير مشروع يعتمد على القوة، والعنف، وبثّ الخوف والرعب، وتعريض الحياة والسلامة الجسدية والحرية للخطر، أو تدمير الممتلكات بهدف إكراه الحكومات أو المجتمعات وتخويفها، أو للسيطرة على السكان وفرض هيمنة سياسية، ودينية، وأيديولوجية“.
وتأتي هذه المنطقة في مقدمة المؤشرات الموجبة عالية الخطورة حسب تصنيف تقرير المركز الأفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب ومحور المسار الاستراتيجي للناتو باتجاه الجنوب، حيث أشار هذا التقرير المشترك إلى أن “هناك منطقتي توتر وخطورة عالية في الساحل ويضم مالي وبوركينافاسو والنيجر مع موقع عنف شديد في منطقة ليبتاكوغورما الحدودية في حوض بحيرة تشاد مع موقع عنف شديد في ولاية بورنو –نيجيريا- وتشعباته في ولايتي أداماوا Adamawa، ويوبي Yobi المتجاورتين وأراضي الدول المتشاطئة في “النيجر وتشاد والكاميرون”.
تعج منطقة الساحل والصحراء بالعديد من التهديدات وأنماط العنف والجرائم حسب ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة، وقد تجدد الاهتمام الغربي بمنطقة الساحل والصحراء الأفريقية في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية منذ تعرضها لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. حيث قررت الإدارة الأمريكية برئاسة بوش الابن في نهاية عام 2006 إنشاء القيادة العسكرية الخاصة بأفريقيا (AFRICOM) التي أعلنتها رسمياً في فبراير 2007، وقد بدأ العمل الفعلي بها في أكتوبر 2008 انطلاقاً من مدينة شتوتغارت الألمانية مقر القيادة العسكرية الخاصة بأوروبا، وهو مقر مؤقت في انتظار أن تستضيفه إحدى الدول الأفريقية. ويعتبر إنشاء (الأفريكوم) خطوة حاسمة ودالة على رغبة أمريكية صارمة في الوجود والتربع العسكري الفعلي فوق الأراضي الأفريقية وهو ما ترفضه رفضاً قاطعاً أغلب الدول المعنية خاصة الدول الكبرى مثل نيجيريا.
أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع الألفية مشروعات أمنية خاصة بالمنطقة منها ما يعرف بـ”مبادرة دول الساحل لمكافحة الإرهاب” (PAN SAHEL INITIATIVE) التي أطلقتها في بداية عام 2003، ثم بعد ذلك وفي عام 2005، مبادرة مكافحة الإرهاب ما بين الدول المطلة على الصحراء Trans-Saharan Counter – Terrorism Initiative TSCT، وألحقت فيها دول الاتحاد المغاربي بالمبادرة السابقة.
بقلم : ذ/ جواد انسام.