الرئيس تبّون ذاهب إلى ” كانوسا” باريس.

“ماكرون أخبرني بما كان ينوي اتخاذه بشأن قضية الصحراء الغربية فحذّرته قائلاً: أنت ترتكب خطأً فادحًا! لن تكسب شيئًا، وستخسرنا.”
هي الفقرة التي تهمّني في هذا الحوار الحصري الذي أجراه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون  مع صحيفة L’Opinion الفرنسية مشدّداً على أن  الجزائر لن تتراجع عن دعم حق ” الشعب الصحراوي” في تقرير مصيره.
وقبل التفصيل أودّ الإشارة إلى أن هذه الجريدة هي نفسها التي حاورت الكاتب المعتقل  بوعلام صلصال المجهول الاب والهوية حسب الرئيس تبون من على منصة غرفة برلمانه..
ولا أعتقد أن اختيار نفس المنبر اعتباطيّ أو محض صدفة بقدر ما يعطي الإنطباع حسب أغلبية المهتمين بالشأن المغاربي بأن نظام العسكر يحاول تخفيف حدّة التوتر وبعث رسائل لمن يعنيهم الأمر بقصر الإليزي خاصة وأن تبّون في ختام حديثه أكْد رفضه لفكرة القطيعة مع فرنسا.. ليخلص المرء بعد إعادة قراءة هذا الحوار بأننا أمام رئيس دونكيشوطي  بطل قصة ذاك الأحمق الذي ظنّ نفسه في مهمّة الدفاع عن الشعب (الصحراوي)  كعقيدة عسكرية مقدّسة لدى جنيرالاته..
وكأيّ أحمق.. ما زال يواصل الحرب على الطواحين رغم كل الهزائم التي راكمها وحجم الإهانات التي تعرّض لها هذا الرئيس آخرها هذه الإطلالة الإعلامية عشية البارحة مخبراً القراء بالتحذير الذي وجّهه للرئيس الفرنسي ماكرون بعد أن أخبره هذا الأخير بقرار فرنسا ذات الصلة بمغربية الصحراء على هامش لقاء السبع الكبار إيطاليا شهر يونيو الماضي..
ولأن الأحداث صارت كما اريد لها من حيث اصطفاف الدولة الفرنسية مع الحق القانوني والشرعي لقضيتتا الوطنية يكون الرئيس ماكرون قد اعتبر هذه التحذيرات الجزائرية مجرد لغو وصفصفة صوتية تلاشت كخيط دخان في سماء إيطاليا.
نعم.. إن موقف فرنسا هو قلة احترام وتقدير لهذه الطغمة العسكرية وإهانة كبيرة في تاريخ كرسي  الرئاسة في الجزائر..
هذا الموقف الفرنسي بعد التحذير هو قلة اعتبار لشخص تبون نفسه الذي وصف يوما بالدمية وسط العسكر حسب تصريح سابق لماكرون نفسه.
والحقيقة المؤلمة ان الرئيس تبون نفسه لم يعرف انه أهان نفسه بنفسه بهذا التصريح / التحذير. لانه لم يقم باي رد فعل لتأديب فرنسا ورئيسها بعد أن تجاهلوا تهديداته.. بل إن هذا الحوار لا يحمل إلا رسالة واحدة ووحيدة هي العودة إلى بيت الطاعة….خاصة وأن بين البلدين الكثير من القصص والأبناء.. كما قيل.
والغريب جدّاً هو أن هذا النّظام وصل مرحلة من الحقد لا سقف له بحيث عبر عن استعداده للتحالف حتى مع الشيطان ضد بلدنا أما التطبيع مع إسرائيل فهي مسألة وقت قصير لتطوى كل الشعارات والمبادئ وغيرها من العنتريات إلا شعار الحقد والضغينة ضد المغرب.. ولا أظن ان هذا الرئيس / الدمية قد إطلع على تغريدة للسيد  اييڨ كوهين مستشار ملحق برئاسة ناتانياهو ( لا ثم الف لا… للتطبيع مع الجزائر) مباشرة بعد نشر الحوار في وقت متأخر من ليلة أمس.
هي مكانتكم.. حدّ ان المجرمين أنفسهم يرفضون أية علاقة تطبيع اوماشابه ذلك.. لانكم مجرمون بالفطرة وليس السياقات وظروف المعارك هناك بالشرق الأوسط
مجرمون منبوذون من داخل الجزائر وخارجها.. وخير دليل على ذلك هو أن تبون هو الرئيس الوحيد الذي لم يستقبل استقبال الرؤساء طيلة سفرياته خارج الجزائر..
هو الرئيس الذي وعد شعبه بالدخول إلى البريكس فسكت عن قوة الصفعة المترجمة حسب لافروف الروسي :
لا قيمة لكم أيتها العصابة.. ولا وزن أو تأثير في القرار الإقليمي والعقاري.. ويكفي هذا الوصف وحده لتقديم استقالتك من منصب الرئاسة غير انك حقير وحقود أدلّه الله بمعية عصابتك.. وكما في الحديث النبوي الشريف (  لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء ما لا يطيق)
هي العصابة المارقة بقدر ما تتساهل مع الإهانات والتجاوزات التي ترتكبها فرنسا في حقها، بقدر ما تقابل بلدنا بردود أفعال “متشنجة” و”مشحونة بالعداء”، بالرغم من أن المغرب لم يرتكب أي إساءات تصل إلى حجم ما ارتكبته فرنسا ضد الجزائر..
لكن المضحك حد التخمة هو دخول المعلق الرياضي حفيظ الدراجي على هذا الحوار/ الإهانة قائلاً :
( ساسة الكراهية في فرنسا سيقضون الليلة في سهر طويل، محاولين فك ألغاز هذا الحوار وفهم مضامينه الثرية، التي حملت كل معاني الدبلوماسية الراقية، والأخلاق العالية، والثبات على المواقف والقيم والمبادئ التي يؤمن بها شعبنا )
صحيح سيقضون الليلة في سهر طويل كله ضحك واستهزاء على عنثريات رئيسك التحذيرية التي بقيت عاجزة أمام وقف  الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء
تتابع طبعا هذه المعاني الدبلوماسية الراقية عند رئيسك الذاهب  – صاغراً – إلى كانوسا هناك عند أعتاب قصر الإليزي منتظراً العفو والصفح والمغفرة..
هذا هو الحدث الابرز الذي حاولت إخفاءه عبر تبييضه وتغليفه بهذه اللغة العنثرية الفجّة..
هو الحدث الابرز هذا الأسبوع إلى جانب حفل إجراء قرعة كأس أفريقيا بالرباط وبمتابعة جد معتبرة على مستوى كل منصات التواصل الإجتماعي والقنوات الإعلامية.. مع اختلاف واضح في جوهرالحدثين… حيث أن الرباط تعرضت لقصف هائل من المدح والتنويه والحب من طرف جميع الأشقاء الأفارقة إلا أنت بوق الكراغلة التي اعتبرته لا حدث يذكر..
وبين الجزائر العاصمة التي بدورها تعرضت لقصف مدوّ من الإهانات والكره البغيض من طرف الأفارقة وغيرهم
فرغم صراخك المتأخر باعتباره مصدر رزقك لا يعدو ان يكون مثل نباح ذاك الكلب الذي يوهم نفسه بأنه مزعج للقمر..
فاللاحدث ايها الطّبّال كان موضوعاً ولمدة أسبوع داخل قنوات الحظيرة ببلدك.. وانت تحاول تبيض الطريق لرئيسك نحو كانوسا باريس طالبا العفو والصفح بعد الإهانة على قول الآية الكريمة المنسجمة مع واقع حالة العصابة : ( وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ).
“”” غريب يوسف””””