تقرير استخباراتي دولي:”الجزائر قد تعلن أنها في حالة “حرب عداء” لتبرير تأجيل الانتخابات الرئاسية”.

أفاد تقرير استخباراتي بريطاني جديد، بأن نظام عصابة الكابرانات الحاكم بقصر المرادية بالجزائر تدرس احتمالية تأجيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في دجنبر المقبل لستة أشهر أخرى، كنتيجة للأخطاء الأمنية والسياسية الأخيرة التي ارتكبها النظام وعسكرة الخدمة الدبلوماسية سيّما في ظل توتر العلاقات الخارجية للبلد مع مجموعة من الدول الفاعلة على غرار إسبانيا وروسيا وفرنسا، مقابل تعميق هذه العلاقات مع “الغريم الأبدي” المغرب.
وأورد التقرير الاستخباراتي الصادر عن شركة “ميناس أسوسييتس”، البريطانية المتخصصة في التحليلات الاستراتيجية والسياسية، أن الجزائر تواجه جملة من التحديات السياسية والتشغيلية داخليا، بالموازاة مع التردي الأمني والاقتصادي الذي بات يُشكل مصدر قلق متزايد في البلد، ويُضاهي واقع التراجع المسجل على مستوى العلاقات الخارجية مع مجموعة من الدول بما فيها دول الجوار.
وأوضح التقرير البريطاني، بأن الحكومة الجزائرية على مستوى المجلس الأعلى للأمن، تدرس تأجيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في دجنبر 2024، قبل إصدار بيان رسمي لاحقا، وذلك بسبب ما وصفتها بـ “الضغوط المتزايدة على الرئيس عبد المجيد تبون للتنحي”.
ونبّه التقرير البريطاني، إلى واقع الانقسام والتصدّع بين الرئاسة الجزائرية والجيش، وتسجيل هذا الأخير ما يسمى بـ “الدولة العميقة” التي تهيمن عليها دائرة الاستعلام والأمن برؤوس قديمة التي تعكس عدم رضاهم عن الرئيس الحالي للدولة عبد المجيد تبون، الأمر الذي يظهره جليا وفق التقرير ذاته، العدد المتزايد في صفوف الغاضبين من أعضاء النظام الذين كانوا يعتبرون حتى الآن داعمين له ومحسوبين عليه.
المصدر ذاته، أشار أيضا إلى أنه وإلى حدود الأيام الأخيرة لم يتوصل الجيش الجزائري بعد إلى أي مرشح بديل يعوض عبد المجيد تبّون، وذلك لأن قياداته منشغلة أكثر من اللازم بـ”الصراع فيما بينها”، وهو ما من شأنه أيضا دعم طرح التأجيل لمدة ستة أشهر أخرى، لكي يكون أمامهم مزيدا من الوقت لإيجاد حل.
والعامل الثالث الذي يجعل من تأجيل الانتخابات هو الواقع المحتوم والمؤجل إعلانه حتى الآن وفق التقرير الاستخباراتي البريطاني، هو أن النظام لا يعرف حتى الآن كيف سيتم استقبال مثل هذا الإجراء الجذري، خصوصا وأنه على الصعيد الداخلي، قد يثير التأجيل ضجة كبيرة يمكن احتواؤها لأن معظم الجزائريين لم يعودوا يهتمون بالسياسة، وهم يعلمون أن النظام يديرهم لصالح النظام، لذلك كان معدل المشاركة الفعلي ضئيلًا في جميع استطلاعات الرأي الأخيرة.
أما على المستوى الدولي، فترجح المعلومات الاستخباراتية أن يواجه النظام الجزائري العديد من المتاعب في حال تأجيل الانتخابات، لذا يريد النظام مزيدًا من الوقت لتقييم كيفية تلقي بعض الدول مثل هذا القرار، خاصة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا.
ووفق نفس التقرير، فإذا تم تأجيل الانتخابات فسيحتاج النظام إلى تبرير القرار، والذريعة الأكثر ترجيحاً وفق التقرير البريطاني نفسه هي أنه – نتيجة للضغوط العدائية المحتملة الحالية على جميع حدودها، ومن أماكن أبعد – فإن البلاد في “حالة حرب عداء”، ويمكنها أيضاً أن تزعم بسهولة أنه في مثل هذه الحالة من الفوضى، الأمر تتطلب الظروف مزيداً من الوقت لتنظيم الانتخابات.
ومن حيث تقديرات التقرير، فإن مصادر استخباراتية مطلعة في الجزائر العاصمة، أفادت بأن قبضة تبون على السلطة لا تتجاوز في أحسن الأحوال نسبة 20٪ فقط، بيد أنه وفي الوقت نفسه، فإنه لا يمكن تقدير فرص رئيس أركان الجيش، الجنرال سعيد شنقريحة، في البقاء السياسي لفترة أطول بكثير، ويشككون في أن تكون دائرة الاستعلام والأمن القديمة، تراهن عليه حتى النهاية.
ويظهر تأثير الأخير في تعيين بعض من أكثر القتلة قسوة في العقد الأسود في التسعينيات في مناصب استراتيجية، حيث أنه من المتوقع أن يتم تثبيت العميد ناصر الجن (المعروف أيضاً بالجنرال عبد القادر حداد) قريباً على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI)، في حين تم تعيين من وصفه التقرير بـ”القاتل” الذي لا يرحم ومرتكب الجرائم الجنسية، مختار سعيد مديوني، رئيساً للمديرية العامة للأمن الداخلي من مطار الجزائر الدولي.
ولفتت المصادر ذاتها، إلى أنه من الأسباب المهمة التي تؤيد تأجيل الانتخابات، هي واقع الأخطاء الأخيرة التي ارتكبها النظام وعسكرة الخدمة الدبلوماسية، بحيث تلقت الجزائر المزيد من الرفض الخطير في علاقاتها الخارجية مع إسبانيا وروسيا وفرنسا، فيما قام الجميع بتطوير علاقات جديدة وتبدو إيجابية للغاية مع المغرب.
وفي الوقت نفسه، لا يزال الوضع الأمني في الجنوب مقلقاً للغاية بالنسبة للنظام الجزائري، بحسب التقرير ذاته لأن القوات الروسية سيطرت على المعبر الحدودي المالي في عين خليل، فضلاً عن مناجم الذهب المجاورة، وهناك أيضًا نقص خطير في المياه في البلدات والمدن الشمالية مما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مرتقبة.