رئيس العدول ببني ملال: الموثقون صناعة فرنسية ومنتحلون للصفة وعقودهم تحت طائلة البطلان.

قال ادريس طرالي،أمين مال النقابة الوطنية لعدول المغرب، أن كل الأحكام القضائية في اتهام الموثقين للعدول بانتحال الصفة، كانت بجانب العدول، مؤكدا أن بلاغهم الأخير هو ضمن الخرجات للتشويش على إضرابهم..
وأضاف رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال، أن التوثيق صفة لازمة لهيئة العدول يتنفسها الموثقون العدول مع الهواء..

كشف المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب عزمه رفع دعوى قضائية ضد كل عدل ينتحل صفة موثق ومتابعته قضائيا، ما ردك على هذا الاتهام؟
ليس ببعيد عن الداني والقاصي وكل متتبع للشأن التعاقدي بالمغرب، أنه كلما طالب العدول وزارة العدل بتكريس المقاربة الدستورية في تعديل قانونهم (التوثيق العدلي)، كلما تحركت أيادي خفية للتشويش على ذلك، ومحاولة بث السموم وأحقاد الماضي الأليم، بتوثيق التصرفات العقارية للمستعمر الفرنسي الذي اضطرّ لمحاربة التوثيق العدلي، الذي امتنع عن توثيق أية معاملة عقارية لهم، أتى بالبديل الذي أصبح الآن يتصاهر بالتسيد والاختصاص الحصري. وتجليا للحقيقة وتوثيقا للتاريخ وللحفاظ على الأمانة العلمية، وتنويرا للقراء الكرام لجريدة “أنفاس بريس”، وللرأي العام الوطني، ولكل قاطني هذا البلد الحبيب، نوضح أن الولاية العامة للتوثيق اختص بها التوثيق العدلي دون غيره، وأن من يسمون أنفسهم بالموثقين هم صناعة استعمارية، وماقانون “فانتوز ” ببعيد عن ذلك، وأذكرهم هنا بقول الله تعالى: ”وضرب لنا مثلا ونسي خلقه”. أما مؤسسة التوثيق العدلي بهياكلها المنصوص عليها في القانون فليس من شيمها ولا من عاداتها ولا من أعرافها وتقاليدها انتحال الصفة، ولم يسبق لها عبر التاريخ الطويل ومنذ الفتح الإسلامي للمغرب على يد عقبة بن نافع الفهري الذي بزغ  في عهده نظام التوثيق العدلي بقوة بل منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول من قعد قواعد التوثيق العدلي، ورسم معالمه في عدة معاملات عقارية وغيرها، كوثيقة الإقطاع والصدقة والهبة وسائر عقود التبرعات وعقود البيع والشراء.. وقد ازدهر هذا النظام، نظام التعاقد الإسلامي بالمغرب والأندلس، وألفت فيه عدة مؤلفات يتعذر على الباحث حصرها، منها على سبيل المثال لا الحصر مؤلف ”المنهج الفائق والمنهل الرائق والمغني اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق” لمؤلفه أبي العباس احمد بن يحيى بن عبد الواحد الونشريسي (834 ـ 914 هـ/1428 هـ 1508م، واعتمده كبار الأمراء والفقهاء والعلماء والقضاة وسائر رجالات الفكر وذوي النهى من العدول وغيرهم، إلى يومنا هذا. ولم تسجل على الموثقين العدول ولو مرة واحدة عبر هذه القرون أنهم انتحلوا صفة من الصفات المهنية وغيرها، أما التوثيق فهو صفة لازمة لهيئة العدول يتنفسها الموثقون العدول مع الهواء.. وعملها الضارب في القدم هو ”التوثيق العدلي” ويكفي بالدليل القاطع أن قسم التوثيق يعتبر من الأجنحة والأقسام المرفقية بالمحاكم الشرعية بالمغرب عبر العصور – وهي مؤسسة رسمية وفقهية وقانونية – لا يجرؤ أحد على إنكارها أو تجاوزها.. وهذه المؤسسة لها وجود فعلي حتى داخل القصر الملكي العامر، يندرج ذلك ضمن الرصيد العلمي والفقهي والحضاري والتاريخي، والذي حافظ على الهوية الوطنية، والحضارة الإسلامية المغربية عبر الحقب المختلفة، ويكفي إنصافا لهذا التراث الفقهي الخالد شهادة كبار فقهاء القانون عبر المؤتمرات الدولية بلاهاي ومؤتمر باريس وغيره حول الفقه الإسلامي ودوره في إثبات الحقوق، وصلاحيته لكل زمان ومكان وعالميته الشاملة، ومن أراد أن يطلع على ذلك فعليه بكتاب ”المدخل الفقهي العام” لمؤلفه مصطفى أحمد الزرقا: الجزء الأول صفحة 307 وما يليها. فلا ينكر هذا الرصيد التاريخي الهام إلا الغرباء والدخلاء الذين يسعون إلى محو كنز من كنوز التراث الحضاري والعالمي، ومسخ الهوية الوطنية لهذا الوطن، ولابد كذلك من مدعي انتحال الصفة الرجوع إليها، حتى يختار لنفسه ولمن يشايعه المكان المناسب، والبحث عن الهوية والصفة الحقيقية دون مغالطة ولا خداع للمواطن المغربي..
لكن بلاغ الموثقين يتحدث بالنص القانوني على أن مهنة العدل تتنافى مع مهنة التوثيق طبقا لمقتضيات المادة 4 من القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق..
التوثيق الذي تصفونه بالعصرنة، هو توثيق بدائي وهويته مجهولة، وليست له أصالة ولا معاصرة ولا مرجعية إلا المرجعية اللائكية الفانتوزية، ونحن المغاربة لنا تاريخ مجيد، وحضارة متجذرة في أعماق التاريخ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك سابقا، فلا يمكننا التخلي عن قيمنا ومثلنا وتاريخنا الحافل بالأمجاد ونتبنى إرثا استعماريا، كان هدفه بسط سيطرته على السيادة المغربية، ونهب خيرات البلاد بكل الطرق المتاحة له، سيما ونحن في بلد مسلم، ننبذ الاحتكار والسطو وكل أنواع التحايل، لأن ديننا الحنيف يمنعنا من مثل هذه التصرفات باعتبارها محرمة شرعا وقانونا زيادة على ذلك الضمير النقي للمغاربة الأحرار الذين يعتزون بقيمهم ومثلهم العليا وهويتهم الحضارية ومرجعيتهم الإسلامية المقدسة. أضف إلى ذلك أيضا أن البلد تسوده إمارة المؤمنين، وتدبره تدبيرا محكما وتحيطه بالرعاية والعناية والإجلال منذ أقدم العصور، والحمد لله على ذلك..
يتحدث الموثقون عن مخالفات قانونية لمضمون اللوحة الإشهارية للعدول التي تعلق بمدخل مكاتبهم، وأنها تتضمن انتحال صفة..
سبق لهيئة الموثقين أن رفعت دعوى في موضوع انتحال صفة التوثيق لكن قضاءنا المستقل أنصف  مؤسسة التوثيق العدلي بناءا على ما ورد أعلاه، ولدينا حكم محكمة الاستئناف بمكناس بتاريخ 2022.03.01، وهو قرار تحت رقم 260 يقضي بإلغاء الحكم الذي أصدرته المحكمة الإبتدائية بمكناس بتاريخ 2021.06.01 تحت رقم 685، لفائدة المجلس الجهوي للموثقين بمكناس ضد المجلس الجهوي لعدول استئنافية مكناس بخصوص إصلاح اللوحات المعلقة على بنايات مكاتب العدول خير دليل.
نحن اليوم أمام نصوص قانونية واضحة، وانتحال صفة موثق، جريمة يعاقب عليها القانون الصادر في 8 أبريل 2009، أليس كذلك؟
انتحال صفة التوثيق من اختراع الموثقين العصريين، ومظهر واضح من مظاهر تسلطهم على الإرث الأجنبي غير الشرعي الذي حل ببلادنا غازيا ومستعمرا، ومع ذلك انتحل من يسمون أنفسهم “موثقون عصريون” صفة موثق” منذ فاتح الاستقلال سنة 1956 إلى أن صدر قانون رقم 32.09 بتاريخ 26/10/2011.. ولما رحل الاستعمار الفرنسي وولى إلى الأبد وتطهرت منه البلاد والعباد، ورثه ومنذ لحظة رحيله مباشرة، حمل من تسمى بالموثقين العصريين لواء انتحال الصفة.. وذلك لكون ظهير 04/05/1925 في مادته الأولى تنص على أنه يمارس موظفون عموميون يطلق عليهم لقب موثقون مهنة التوثيق العصري. والفصل الثالث ينص في بنده الأول على أن يكون أحد المتعاقدين من الرعايا الفرنسيين، فضلا عن ضرورة الإدلاء بالوثيقة المحررة بالخارج حسبما ورد بالبند الثالث من نفس الفصل. وفي مادته السابعة التي تستوجب الجنسية الفرنسية، ولكن من الذي مارس مهنة ما يسمى بالتوثيق العصري منذ فاتح الاستقلال؟ إنهم الموثقون المنتحلون للصفة وهم مغاربة لا يحملون هذه الجنسية، حيث مارسوا هذه المهنة نصف قرن أو يزيد يكتبون خلالها العقود تحت طائلة البطلان وانتحال الصفة، وهذه حقائق تاريخية لا ينكرها إلا جاحد، ووجدوا الفرصة سانحة والمجال خصبا، إذ لم تتدخل النيابة العامة صاحبة الحق العام، بل غضت الطرف وكرست غيابها آنذاك ولم تحرك ساكنا، ولو فرضنا أنها حركت دعوى استحقاق واحدة لبطلت كل المعاملات التي أبرمت تحت طائلة بطلان المعاملات. منذ فاتح الاستقلال إلى أن رأينا النور بصدور قانون رقم 32.09 بتاريخ 26/10/2011.. كما أن توجه المشرع المغربي الآن يتجه في منحى تبني نظام التوثيق بالكتابة، وقد أعطى المشرع هذه الميزة لهيئة العدول، وللموثقين العدول، وأعطاهم الأسبقية المطلقة في كل التشريعات الجديدة. يتمثل ذلك في المادة 65 من مدونة الأسرة، التي تنص في فقرتها الثالثة على أنه يأذن هذا الأخير للعدلين بتوثيق عقد الزواج، فقاضي الأسرة يأذن للعدلين بتوثيق عقد الزواج أو الطلاق، أما عقود الأشرية والصدقة والهبة وسائر العقود، فالعدل يوثقها بتلقائية تحت مظلة صفة التوثيق العدلي أحب من أحب وكره من كره. كذلك المادة 296 من مدونة الأسرة التي تشترط في صحة الوصية أن يصدر بها إشهاد عدلي أو إشهاد أية جهة رسمية مكلفة بالتوثيق، أو يحررها الموصي بخط يده مع إمضائه. ولمن يرغب في مزيد من تجلية الحقيقة، فما عليه إلا مراجعة القوانين الجديدة ليجدها كلها تعطي قصب السبق للعدول الموثقين، فقانون 90/25 المتعلق بتقسيم العقارات يعطي الأسبقية للعدول في المادة61 “لا يجوز للعدول والموثقين..” وقانون مدونة تحصيل الديون العمومية المادة 95 “في حالة انتقال ملكية عقار أو تفويته يتعين على العدول أو الموثقين أو كل شخص أخر يمارس مهام توثيقية…” وقانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة في المادة 12 الذي سوى بين العدول الموثقين ومن يسمون بالموثقين العصريين في رسمية العقود ومدونة الحقوق العينية في مادتها الرابعة  التي أوضحت الأمر فيما يتعلق بتحرير عقد التفويت بمحرر رسمي. وقانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز بالرسمية وقانون 51.00 المتعلق بالكراء المفضي إلى التمليك بالرسمية. والواقع المر الذي يجسد شخصية وصفة العدل الموثق المزمنة وبقوة القانون هو المرسوم رقم 2.08.378 المتعلق بتطبيق أحكام  القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5687 بتاريخ فاتح ديسمبر 2008 وخاصة المادة 9 منه ونصها: “يقضي العدل المتمرن فترة التمرين المنصوص عليها في المادة 7 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة المشار إليه أعلاه بالمعهد العالي للقضاء وبتنسيق مع مديرية الشؤون المدنية.تشتمل هذه الفترة على طور للدراسات والأشغال التطبيقية بالمعهد العالي للقضاء مدته ستة أشهر ويرمي إلى تأهيله لمزاولة مهنة التوثيق بواسطة تعليم خاص يشمل على الخصوص المقتضيات القانونية المنظمة لخطة العدالة وكيفية تلقي وتحرير مختلف الشهادات والإجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتمبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية والتعمير والأراضي..
طيب في ظل هذه الاختصاصات للعدول، لماذا قررتم خوض إضراب عن العمل؟
كل هذه الاختصاصات واضحة وضوح الشمس، فاختصاصات العدول بمؤسستهم العتيدة هي توثيق جميع التصرفات القانونية  وكل ما لايخالف الشرع والقانون. وبالتالي، هم أهل للتوثيق ونظافة اليد والحفاظ على أموال المتعاقدين. مطالب العدول هي مطالب حقوقية وشرعية وقانونية..
“””منقول عن انفاس بريس”””