عبداللطيف مستكفي: “أعطاب السياسة بالمغرب”.

إن الباحث في الممارسة السياسية بالمغرب، المتمعن في السلوك السياسي لبعض مممتهني العمل السياسي سيقف عند حقيقة مفادها أن صك الاتهام المرفوع في وجه ميكيافيل صاحب المقولة الشهيرة ” الغاية تبرر الوسيلة” سيسقط عنه تهمة الإنحراف بالعمل السياسي.
إن تبرير الوسيلة سيصبح مستساغا بمنطقين. منطق السياسة بكونها فضاء للتدافع و الصراع ومنطق أن الممارس للسياسة لا يجعل من السياسة مهنة و مصدر عيشه اليومي.
أعطاب السياسة بالمغرب متعددة و متنوعة بتعدد و تنوع الأصول السوسيو-اقتصادية و السوسيو-ثقافية للممارسين، و يمكن جرد بعض هذه الأعطاب على سبيل المثال لا الحصر كما يلي:
أولا: عندما تصبح السياسة مهنة من لا مهنة له، تصعد المصلحة الشخصية فوق المصلحة العامة، فيصبح السعي نحوالمكانة السياسية أقوى من السعي نحو فن تدبير الممكن؛
ثانيا: عندما تفقد المؤسسات السياسية الاستقلالية و التجرد تصبح هذه المؤسسات وسيلة لتحقيق مآرب شخصية، فتغدو المؤسسات السياسية أشبه بالمقاولات العائلية القائمة على التوريث و الريع السياسي؛
ثالثا: غياب الفعل السياسي الجاد، فلا الأغلبية بمقدروها أن تؤمن بالتناوب الذي يفيد حلول الأقلية محل الأغلبية وفق منطق التناوب الديمقراطي، و لا المعارضة تؤمن بقدراتها على الحكم؛
رابعا: غياب الأخلاق بالمنطق الميكيافيلي مقبول مادام الفعل السياسي صادر عن نخبة سياسية قادرة على النقاش و الحوار، أما ممارسة السياسة بدون أخلاق من طرف ممتهني السياسة فهو ظرف تشديد بلغة القانون الجنائي؛
خامسا: سياسة على المقاس، تمارس في الزمان والمكان بوتيرة متباينة. فبين الفينة و الأخرى تظهر بعض الكائنات السياسية لتقدم نفسها هي الحل الأوحد بعد غياب أشبه بغياب أهل الكهف.
لقد أصبحت الحاجة ملحة لنفكر جميعا في إعادة النظر في العمل السياسي بالمغرب بعيد عن منطق المهنية. 
بعبارة أوضح ستصبح السياسة بالمغرب بخير عندما لا تصبح مهنة من لا مهنة له.
عبداللطيف مستكفي
أستاذ القانون الدستوري و العلوم السياسية بكلية العلوم، عين الشق-الدارالبيضاء.
رئيس مركز البديل للدراسات القانونية و السوسيولوجية.