بن عيسى:“شكراً أخنوش،ليس لأنك قدمت إنجازاً عظيماً، ولكن لأنك،أسقطت ورقة التوت التي كانت تخفي عورات الكثيرين”.
في أفق الانتخابات التشريعية المقبلة، التي لا تفصلنا عنها سوى شهور قليلة، يعيش المغاربة لحظة تقييم ومحاسبة، لحظة يتجلى فيها الصادق من الكاذب، والجدي من المهرج، والوطني من المتاجر بشعارات الوطنية.
ففي المشهد السياسي والإعلامي، تتكرر نفس الوجوه، لكن مع كل محطة مفصلية، كما هو الحال اليوم، تسقط بعض الأقنعة ويُكشف بعض المستور.
وهنا، لا يسعنا إلا أن نقول: “شكراً أخنوش”، ليس لأنك قدمت إنجازاً عظيماً، ولكن لأنك، بقصد أو بغير قصد، قدمت خدمة كبيرة للمغاربة: أسقطت ورقة التوت التي كانت تخفي عورات الكثيرين.
لطالما تساءل المواطن البسيط عن حقيقة النخب التي تتصدر المشهد السياسي والإعلامي والاقتصادي. من هو الوطني الحقيقي؟ من هو الصحفي النزيه؟ من هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم الشعب؟ من هو المدبر القادر على قيادة مرحلة صعبة؟ من هو السياسي الذي يملك رؤية واضحة وليس مجرد بيدق في لعبة مصالح؟
بفضلك، يا أخنوش، لم نعد بحاجة إلى أسئلة، فقد قدمت لنا الأجوبة دون أن نطلبها، بمجرد أن أصبحت في الواجهة، بدأت تتكشف المواقف، وظهر للناس من يدافع عن المصلحة العامة ومن يدافع عن مصالحه الخاصة.
رأينا كيف انقسمت الآراء بين مدافعين شرسين يبررون كل شيء، وبين معارضين لا يرفضون السياسات بقدر ما يهاجمون الأشخاص. وبين هؤلاء وهؤلاء، ظهر من ظلوا صامتين، يراقبون المشهد بعيون متأملة، حتى لا يقعوا في فخ التسرع.
يقال إن الأزمات هي التي تكشف حقيقة الرجال، وفي سياقنا اليوم، لا يتعلق الأمر بأزمة اقتصادية فقط، بل بأزمة ثقة، المغاربة فقدوا الثقة في الكثير من السياسيين، وهم اليوم في مرحلة اختبار حقيقي للنخب، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة.
من يصدق المغاربة اليوم؟ هل يثقون في الوجوه التي ألفوها منذ سنوات، والتي لم تقدم سوى الكلام؟ أم يراهنون على وجوه جديدة، ربما تكون أقل خبرة، لكنها لم تتلوث بلعبة المصالح؟
بفضلك، يا أخنوش، فهم المغاربة أن السياسة ليست مجرد خطابات رنانة، بل أفعال ونتائج. فهموا أن الصحافة ليست مجرد مقالات رأي، بل موقف والتزام. فهموا أن المثقف ليس من يبيع الوهم، بل من ينير الطريق للناس.
المغرب اليوم أمام منعطف مهم، والانتخابات المقبلة ليست مجرد استحقاق عادي، بل فرصة لتصحيح المسار.
المغاربة أصبحوا أكثر وعياً، وأكثر قدرة على التمييز بين الخطاب الشعبوي والخطاب الواقعي، بين من يتحدث باسمهم ومن يتحدث باسمه الشخصي.
فالسؤال الكبير الآن: على من سنعتمد في المرحلة المقبلة؟ هل سنعيد نفس الأسماء، بنفس السياسات، بنفس العقليات؟ أم أننا سنمنح الفرصة لمن يستطيع أن يقدم حلولاً حقيقية بدل تبريرات فارغة؟
إن ما نعيشه اليوم هو لحظة فرز تاريخية، لحظة تعرية حقيقية، جعلتنا نرى بوضوح من يعمل لصالح هذا الوطن، ومن لا يرى فيه سوى مزرعة مصالح.
في النهاية، لا يهم إن كان سقوط ورقة التوت متعمداً أو عفوياً، المهم أنها سقطت، وأن المغاربة رأوا ما كان مخفياً عنهم لسنوات. اليوم، لا مجال للأوهام، لا مجال للخداع، لا مجال للتلاعب بالمشاعر.
لقد بات واضحاً أن الانتخابات القادمة لن تكون مجرد تصويت عادي، بل استفتاء حقيقي على من يستحق الثقة، وعلى من سقط قناعه إلى الأبد…وشكرا أخنوش.
“””ع.بن عيسى”””