أخازي: “الطالبي العلمي..رئيس مجلس النواب وحارس كرامة الطوبيسات المهترئة!”.

قرر رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، أن يُضيف نكهة جديدة إلى المشهد السياسي المغربي… بإحالة النائبة ريم شباط على لجنة الأخلاقيات، فقط لأنها تجرأت وتحدثت عن الطوبيسات المتهالكة التي تجوب شوارع فاس، وكأنها تذكّرنا بأن الحياة في هذا البلد أصبحت جولة دائمة داخل خردة بلا فرامل.
رئيس المجلس، وهو رجل يحرص على تطبيق الدستور بحذافيره (حين يشاء)، استند إلى الفصلين 135 و141 ليؤكد أن النقل الحضري شأن محلي، وكأن النائبة تجاوزت الخطوط الحمراء لمناقشة “أسرار الدولة”. لكن، في الوقت الذي تتحرك فيه المؤسسات لملاحقة من يتجرأ على طرح أسئلة محرجة، تبقى ملفات الفساد الحقيقي عالقة، تنتظر لجنة أخلاقيات لا يُعرف إن كانت موجودة بالفعل أم أنها مجرد مزحة ثقيلة.
النائبة شباط لم تسأل سوى عن تلك الطوبيسات التي يبدو أنها أُرسلت لفاس كجزء من برنامج دعم السياحة بطريقة مبتكرة: جذب السياح الباحثين عن الإثارة والمغامرة في عربات بلا فرامل. ومع ذلك، كان هذا كافيًا لإثارة غضب رئيس المجلس، الذي يبدو أنه يرى في انتقاد الطوبيسات تهديدًا للدستور أكثر من الصفقات المشبوهة أو القضايا الثقيلة التي تمر مرور الكرام تحت قبة البرلمان.
المفارقة أن جلسات البرلمان التي تُفترض أن تكون مساحة للنقاش الحر والتعبير عن هموم الشعب، أصبحت أقرب إلى مسرحيات هزلية، حيث يُخشى على الطوبيسات أكثر مما يُخشى على مصير المؤسسات. فبينما تُلاحَق النائبة بتهمة “خرق الدستور”، يستمر أصحاب النفوذ في التنقل بحرية، على الأرجح في سيارات فاخرة لا تعرف معنى “الخردة”.
ربما كان على النائبة أن تصوغ سؤالها بشكل أكثر دبلوماسية، مثل: “هل تعتبر الحكومة أن الطوبيسات التي أُرسلت لفاس نموذجٌ مبتكرٌ لدعم الاستدامة البيئية عبر تقليل استخدام الفرامل؟” لكن الحقيقة أن المشكلة ليست في صياغة السؤال، بل في كونها طرحت السؤال أصلًا.
هكذا، يستمر العبث في بلدٍ يبدو أن حرية التعبير فيه تُعامل كجريمة، بينما تُمنح الجرائم الحقيقية حصانة غير مكتوبة. وبينما تشق الطوبيسات طريقها بشجاعة وسط شوارع فاس، يبقى السؤال الحقيقي: متى سيجد هذا البلد فرامله المفقودة؟
“”خالد أخازي، روائي وإعلامي””