بملعب الرحالة ابن بطّوطة: الجماهير المغربية تردد(سِيرْ.. سِيرْ..) فالرحلة ما زلت مستمرّة ومتواصلة

لم نترك بمدرجات قطر أصداء نشيدنا الوطني وبذاك الأداء الحماسي فحسب بل شهدت أيضاً ميلاد كلمة (سير…سير.. سير) كعلامة مغربية انتقلت عدواها إلى مدرجات عالمية بنفس انتقال هذا العالم نفسه من سؤال أين يوجد المغرب إلى البحث عن سؤال ماهو هذا المغرب الذي تسلّل إلى قلوبنا.. 
وكأنّه جواب من الفيفا على هذا الفضول المعرفي العالمي حين قرّرت بعد أقل من شهرين تنظيم اول بطولة لها بعد قطر بالمغرب.. وبتصغير المونديال إلى الموندياليتو واستكمال صورة انبهار الجميع بالمغاربة لاعبين كانوا أم جمهور نحو ماهية المغرب كوطن وأمّة 
هي الرسالة المشفرة التي فكّ طلاميسها أولئك الرائعون المشرفون على حفل افتتاح الموندياليتو أمس بملعب طنجة الدولي تحت شعار: أيها العالم.. هذا هو المغرب...وهذه أوراق اعتماده داخل الحضارة الإنسانية.. مرحبا بكم..
قد تكون أقصر خطبة افتتاح في العالم..
 والجميل انها لم تأت من فم مسؤول حكومي أو هيئة أو إطار تنظيميّ بل على لسان طفل مغربي وسيم وأنيق فاتحاً بكل ثقة واعتزاز صفحات تاريخ أجداده من خلال تقديم باقة من التعابير الفنية المتنوعة والممتدة عبر جغرافية الوطن… من تخوم الصحراء إلى رقصة الرگادة شرقا مرورا بسوس وجبال الأطلس والحوز وغيرها.. 
هو إهداء كعربون محبة وتقدير لكل الأصوات والدعوات ومن مختلف البلدان والقارات التي باركت وناصرت أسود الأطلس بمونديال قطر.. 
هي دعوة استضافة وترحيب بكل الشعوب والجنسيات والأعراق بمملكة التعايش والمحبّة والسلام.. وأرض التنوع والتعدد والاستقرار.. 
تلك هي رسالة 17 دقيقة بملعب طنجة إلى العالم.. وبهذا البهاء والجمال والدقة في التوزيع والإخراج.. 
ذاك نحن الجماعية.. وتلك رحلتنا نحو أنفسنا ونحو الآخر.. قد بدأت قبل ابن بطوطة.. الذي كان نجم الافتتاح كمشترك إنساني مع الشعوب والأمصار التي زارها وأرّخ لها.. بنفس المعنى الذي تحمله رسالة تكريم اللاعب الدولي العالمي (بولي) بروح تقاسم كل ما هو جميل ومبدع مع الإنسانية.. 
وكم كان المشهد رائعاً ورهيباً بهذا الصمت في المدرجات لحظة تكريم هذه الجوهرة.. 
هنا نحن..
 قد لا نملك موارد هائلة.. وقد نفتقر إلى موارد خاصة لكننا أغنياء بعمق حضارتنا وتاريخنا وأصالتنا وانفتاحنا على المشترك الإنسانيّ عامّة.. 
نحن هنا لا نستغلّ منصة الميادين.. ونفرق بين الملاعب.. ونحترم ميثاق الاستضافة 
ولا نقارن أنفسنا إلا مع أنفسنا… من أين جئنا وإلى أين نسير…
وإذا كان جيل المربع الذهبي وقطار البراق السريع هو من رحّب بضيوفنا وساكنة العالم فإن الجيل الذي قبله عاش مع قطار الفحم الحجري والدرجة الرابعة وحفلات بثلاثية المقاعد… وهلمّ جرّا... 
هي رحلة من جيل لجيل بصيغة سير سير نحو الأمام في إتمام مسيرة الإنماء والتشييد لبلدنا مصدر فخرنا وعزّتنا…
هي رسائل حفل الافتتاح بطنجة الدولية وبين البحرين… وعلى خطوات من أوروبا ها نحن كالأسود لا تزأر إلاّ دفاعاً عن عرينها...
غير ذلك فبلدنا تحت رحمة وعطف الآية الكريمة🙁 فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) صدق المولى عز وجلّ.
الاستاد يوسف غريب : كاتب إعلاميّ.