تقرير برلماني:”ارتفاع أسعار الخدمات أفقد المغرب أكثر من مليون سائح مغربي اختاروا إسبانيا والبرتغال وتركيا كوجهة للعطل”.

اوردت صحيفة ” الصحيفة” ان “رؤية 2030” التي وضعت الحكومة خارطة طريقها بغرض مضاعفة السياح في المملكة، تواجه تحديات كبيرة فرضها واقع الغلاء وارتفاع أسعار الخدمات السياحية، والمنافسة “غير المشروعة” للقطاع غير المهيكل وفق ما كشفه تقرير برلماني حذّر من فقدان المغرب لأكثر من مليون سائح مغربي اختاروا قضاء عطلهم في كل من إسبانيا وتركيا والبرتغال بفضل العروض التنافسية الممتازة التي يُقدّمونها مقارنة بنظيرتها المغربية.
ورصد تقرير للمجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي بمجلس المستشارين، جملة من الاختلالات التي باتت تواجه قطاع السياحة في المغرب، والمرتبطة أساسا بارتفاع أسعار الخدمات السياحية المقدمة لزوار المملكة والسياحة الداخلية على حد سواء مقابل تراجع الجودة، ما دفع السياح بمن فيهم المغاربة إلى اختيار وجهات أخرى، تمكّنت من استقطابهم بفضل عروضها السياحية التفضيلية، على غرار إسبانيا والبرتغال وتركيا.
التقرير، الذي اطلعت عليه “الصحيفة” من المرتقب أن تتم مناقشته الأسبوع المقبل أكد أن أسعار الخدمات السياحية في المؤسسات السياحية تعرف ارتفاعا مهولا خاصة خلال فصل الصيف مقارنة مع وجهات سياحية عالمية مماثلة لبلادنا، مما بات يؤثر على التنافسية واستقطاب السياح الذين يفضلون وجهات أخرى أقل تكلفة وبخدمات أكثر جودة، بمن فيهم المغاربة الذين يختارون قضاء عطلهم في إسبانيا أو البرتغال أو تركيا وعددهم في ارتفاع متزايد سنة بعد أخرى حتى وصل أكثر من مليون سائح مغربي سنة 2023.
وأورد التقرير، أنه بسبب قلة المراقبة أو انعدامها فضلا عن عدم إشهار الأسعار والتباين الصارخ بين مؤسسة فندقية وأخرى مماثلة في التصنيف، يشكل غلاء الأسعار السياحية سواء المتعلقة بالإيواء أو بالتغذية، عائقا حقيقيا أمام الأسر من الطبقة المتوسطة ويحد من إمكانية استفادتها من فرصة قضاء عطلتها بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف السفر وغلاء أسعار الخدمات السياحية، كما يحد ارتفاع الأسعار من تنافسية القطاع على المستوى الخارجي وفق التقرير ذاته.
من بين التحديات الكبرى التي يعاني منها القطاع السياحي، وفق ذات التقرير البرلماني، هي المنافسة غير المشروعة التي يفرضها القطاع غير المهيكل، خصوصاً مع الإمكانيات التي توفرها المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع السياح واستقطابهم.
وبحسب التقرير، فإن هذا النشاط يتم دون أن تستفيد الدولة من العائدات التي يجنيها أصحاب محلات الإيواء غير المصرح بها، بسبب عدم مساهمتهم في تأدية الضرائب والرسوم، فيما لا تقتصر الأضرار على هذا الجانب فقط، بل تمتد لتشمل التأثير السلبي على الصورة العامة للسياحة وعلى “الأمن السياحي” ببلادنا.
واعتبر التقرير، أن القطاع غير المهيكل، يشكل منافسة غير عادلة، لأنه يُقدم خدمات بأسعار أقل مما تضع الشركات المنظمة في وضع تنافسي غير عادل وهو ما ينعكس على جودة الخدمات بسبب عدم الخضوع لأي شكل من أشكال الرقابة وانعدام الاحترافية.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن هذا الوضع يؤثر سلبا على تجربة السياح ويؤثر على إمكانية عودتهم مرة أخرى، بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية السلبية سواء في ما يخص العمالة غير المستقرة وانعدام الأمن الوظيفي والاستفادة من مزايا الحماية الاجتماعية، أو في انخفاض فرص التكوين وتعزيز القدرات.
ويرى التقرير، أن الأمن والاستقرار السياسي بدوهما عاملين حاسمين لاختيار الوجهة السياحية، سيما وقد عرف المناخ السياحي الدولي تقلبات ومدا وجزرا متواصلا بسبب التوترات الجيوسياسية التي تعرفها الدول الرئيسية المصدرة للسياح نحو المغرب، خاصة تلك التي شهدت الأحداث الإرهابية المؤلمة التي عرفتها الساحة الدولية  خلال سنوات 2014 و2015 و2016 و2017 كان أعنفها أحداث 13 نونبر 2015 بباريس كونها شهدت سلسلة من الهجمات الإرهابية المنسقة شملت إطلاق نار عشوائي، وتفجيرات انتحارية، واحتجاز رهائن، أسفرت عن مقتل 137 شخصاً، وعشرات المصابين.
ولازالت هذه الدول، حسب التقرير تعيش على وقع تداعيات الأزمة الاقتصادية منذ سنة 2008، إذ أدت إلى عواقب طويلة الأمد على الاقتصادات الأوروبية، خاصة في ظل ارتفاع مستويات الدين العام وارتفاع معدلات البطالة واضطرار العديد من الدول إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية صارمة وإجراءات تقشفية أثرت على الإنفاق العام بسبب النمو الاقتصادي البطيء بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية ذات التأثير المباشر على قطاع السياحة وتداعيات الأزمة المالية.
وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدوره، أثر على الزيادة الكبيرة في عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، وفق التقرير الذي أشار إلى أنه أدى إلى تخفيض التصنيفات العالمية لعام 2017، تماما كما تسببت جائحة كوفيد – 19 في ركود اقتصادي حاد بسبب الشلل العام الذى أصاب مختلف مطارات العالم وما أدى إليه من شلل على مستوى تنقل الأشخاص وإغلاق تام للمؤسسات والوحدات الفندقية وكانت السياحة الوطنية من أكبر المتضررين من هذه الأزمة الصحية.
وهذه الأسباب وغيرها، وفق التقرير البرلماني أثرت سلباً على تدفق السياح نحو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عامة، ونحو المغرب خاصة، وهو ما أدى إلى تراجع نسب تقدم المؤشرات السياحية وبالتالي الى تحديات حقيقية أمام إنجاز جزء مهم من أهداف استراتيجية الوزارة الوصية على القطاع.
“””صحيفة – خولة اجعيفري”””